للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اى ما آلهتكم التي أنتم اثبتموها واعتقدتم شركتها مع الله إِلَّا أَسْماءٌ اى ما هي في أنفسها الا اسماء لا مسميات لها أصلا بل قد سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ تبعا وَآباؤُكُمْ اصالة من تلقاء انفسكم إذ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ برهان واضح وحجة قاطعة بل إِنْ يَتَّبِعُونَ اى ما يتبع سلافكم الحمقى إِلَّا الظَّنَّ والخيال الناشئ من اوهامهم وأحلامهم السخيفة أمثالكم ايها الأخلاف الحمقى الجاهلون وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ اى ما يتبعون الا ما تهويه وتشتهيه نفوسهم أمثالكم وَمع ذلك لَقَدْ جاءَهُمْ ونزل عليهم ايضا على ألسنة رسلهم مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى الموصل الى مرتبة التوحيد فتركوه ظلما وعدوانا ولم يتبعوه أمثالكم ايها الحمقى أتطمعون الشفاعة من تلك الهياكل الهلكى وتأملون معاونتهم ومظاهرتهم إياكم ايها الجاهلون المائلون المنحرفون عن مقتضى العقل الفطري المفاض لكم من المبدأ الفياض

أَمْ تعتقدون وتظنون ان يحصل لِلْإِنْسانِ عموم ما تَمَنَّى وأمل من اللذات والشهوات المأمولة كلا وحاشا بل

فَلِلَّهِ وفي قبضة قدرته وتحت تصرفه الْآخِرَةُ وَالْأُولى اى عموم ما جرى في النشأة الاولى والاخرى من الكرامات يمن بها عن من يشاء ويصرفها عن من يشاء ارادة واختيارا لا يحكم عليه ولا ينازع في سلطانه يفعل ما يشاء ويحكم ما يزيد وانه سبحانه في ذاته حكيم حميد مريد مجيد.

ثم قال سبحانه تسجيلا على غاية غباوتهم ونهاية بلادتهم وحماقتهم في اتخاذهم الأصنام آلهة واعتقادهم شفعاء

وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ اى كثيرا من الملائكة المقبولين عند الله المهيمين بمطالعة وجهه الكريم وهم مع ذلك القرب والشرف لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً من الإغناء عند الله لكمال استغنائه وغنائه سبحانه عن العالم وما فيه إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لهم ان يشفعوا عنده سبحانه لِمَنْ يَشاءُ سبحانه خلاصهم من عباده وَيَرْضى بشفاعة أولئك الشفعاء عنده سبحانه لاستخلاص بعض العباد باذن منه سبحانه وهؤلاء الحمقى يدعون الشفاعة لأولئك الهلكى ويعتقدونها آلهة متشاركين مع الله في الألوهية والربوبية ظلما وعدوانا بلا حجة وبرهان ومن غاية عدوانهم ونهاية غيهم وطغيانهم يهينون الملائكة المقربين ويستحقرونهم حيث ينسبونهم الى الأنوثة المستلزمة لغاية النقصان وبالجملة

إِنَّ المفسدين المسرفين المفرطين الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وبعموم ما جرى فيها من تنقيد الأعمال والحساب عنها والجزاء عليها لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ المنزهين عن سمات النقص مطلقا اى كل واحد منهم ظلما وزورا تَسْمِيَةَ الْأُنْثى يسمونهم بنات الله ظلما على الله بإثبات الولد له وعليهم بنسبة نقص الأنوثة إياهم

وَالحال انه ما لَهُمْ بِهِ اى بتسميتهم وقولهم هذا مِنْ عِلْمٍ لا يقيني ولا ظني ولا مستند من عقل او نقل بل إِنْ يَتَّبِعُونَ وما يستندون ويتكؤن في قولهم هذا إِلَّا الظَّنَّ والتخمين الناشئ من تقليد آبائهم المنسوبين الى الجهل والعناد أمثالهم وَبالجملة إِنَّ الظَّنَّ والتخمين المستند الى الجهل والتقليد لا يُغْنِي ولا يفيد مِنَ الْحَقِّ الصريح الحقيق بالاتباع شَيْئاً من الإغناء والإفادة وبعد ما سمعت حالهم وقولهم

فَأَعْرِضْ أنت يا أكمل الرسل وانصرف بنفسك عَنْ مَنْ تَوَلَّى واعرض وانصرف عَنْ ذِكْرِنا الصائن الصارف له عن أمثال هذه الهذيانات الباطلة ولا تبال بشأنه ولا تبالغ في دعوته وإرشاده وَكيف لا وهو من غاية اعراضه وانصرافه عن الحق واهله لَمْ يُرِدْ لم يختر من السعادات المنتظرة والكرامات الموعودة المعدة للإنسان إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا ولذاتها وشهواتها ولم يهتم الا بشأنها واقتصر على جميع حطامها ومزخرفاتها مع كمال غفلة وانكار وذهول تام ونسيان متناه عن الكرامات الروحانية واللذات الاخروية

ذلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>