للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبوكم آدم على سبيل الظلية والاستخلاف ثُمَّ جَعَلَ واظهر منعكسا مِنْها زَوْجَها إبقاء للتناسل وتتميما للازدواجات الغير المتناهية حسب رقائق الأسماء والصفات المتقابلة الإلهية إظهارا لكمال القدرة وتتميما للحكمة المتقنة البالغة وَبعد ما أتم سبحانه امر ايجادكم واثباتكم أَنْزَلَ لَكُمْ اى قسم وقضى لاجلكم تتميما لأمور معاشكم عناية منه وتكريما مِنَ الْأَنْعامِ المناسبة لتغذيتكم وتقوية امزجتكم ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ ذكرا وأنثى بمقتضى جبلتكم لتدوم بدوامكم وهي الأصناف المذكورة في سورة الانعام هذا بحسب ظهوركم وبروزكم في عالم الشهادة وفي عالم الغيب والبطون يَخْلُقُكُمْ ويقدر موادكم فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ اى تقديرا بعد تقدير اعجب واغرب من سابقه بان قدركم أولا نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم سواكم جسدا انسانيا ثم نفخ فيكم روحا من روحه وبالجملة قد أظهركم في عالم الشهادة بعد ما اخفاكم مدة فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ هي أصلاب آبائكم وحجب تعيناتكم وبطون أمهاتكم وبالجملة ذلِكُمُ الذي قد فعل بكم هذه الأفعال الجميلة المتقنة هو اللَّهُ المستقل بالالوهية والتصرف في ملكه وملكوته وهو رَبُّكُمْ الذي رباكم واحسن تربيتكم لا مربى لكم سواه إذ لَهُ الْمُلْكُ والملكوت خاصة لا يشارك في ملكه ولا ينازع في سلطانه وشأنه فظهر انه لا إِلهَ يعبد له ويرجع اليه في الخطوب والملمات إِلَّا هُوَ الواحد الأحد الصمد الحقيق بالحقية المستحق للالوهية والربوبية فَأَنَّى تُصْرَفُونَ وكيف تعدلون ايها المشركون المنحرفون عن جادة توحيده مع انكم ايها الاظلال المنهمكون في بحر الحيرة والضلال

إِنْ تَكْفُرُوا بالله وتنكروا ظهوره واستيلاءه على عموم ما ظهر وبطن بالاستقلال فَإِنَّ اللَّهَ المتعزز برداء العظمة والكبرياء غَنِيٌّ عَنْكُمْ وعن ايمانكم وإطاعتكم وكفركم وعصيانكم وَغاية ما فيه انه عز شأنه وجل برهانه لا يَرْضى ولا يحب لِعِبادِهِ الذين هم قد ظهروا منه سبحانه حسب اظلال أوصافه وأسمائه الْكُفْرَ والجحود بذاته سبحانه عطفا لهم وترحما عليهم لأنهم انما جبلوا على فطرة المعرفة ومصلحة الايمان والإيقان والا فهو سبحانه في ذاته أعز وأعلى من ان يفتقر الى ايمان احد وأطاعته او يتضرر بكفره وإنكاره وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ اى وكذا غنى عنكم وعن شكركم نعمه الفائضة عليكم إذ لا يعلل فعله سبحانه بالأغراض والأعواض مطلقا لكن يرضى عنكم لو شكرتم نعمه ويزيد عليكم بأضعافها لإتيانكم بالمأمور وامتثالكم امره سبحانه مع ان نفع شكركم انما يعود إليكم وَبالجملة لا بد لكل احد من المكلفين ان يمتثلوا بما أمروا به من عنده سبحانه حتى يصلوا الى ما وعدوا من المثوبات والكرامات ويجتنبوا ايضا عما نهوا عنه ليخلصوا من المهالك والدركات المعدة الموعودة لهم إذ لا تَزِرُ ولا تحمل نفس وازِرَةٌ عاصية مرتكبة بحمل أثقال الأوزار والآثام الحاصلة لها وِزْرَ نفس أُخْرى كما لا تتصف بحسناتها ايضا ثُمَّ بعد انقضاء النشأة الاولى إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ كافة كما ان منشأكم منه جميعا فَيُنَبِّئُكُمْ ويخبركم سبحانه بعد رجوعكم اليه بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ اى بعموم ما جرى عليكم من سيئاتكم وحسناتكم بلا فوت شيء منها ويجازيكم على مقتضاها وكيف لا يخبركم ولا يجازيكم بأعمالكم سبحانه إِنَّهُ بذاته عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ اى بجميع الأمور الكائنة المكنونة في صدور عباده بعموم ما خفى في ضمائرهم ونياتهم فكيف بما صدر عن جوارحهم وآلاتهم وبعد ما نبه سبحانه الى احوال عباده شرع بعد مساويهم وأخلاقهم الذميمة الناشئة من بشريتهم وبمقتضى بهيميتهم فقال

وَإِذا مَسَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>