للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معهم ملاطفة رجاء ان يرغبوا الى الايمان طوعا وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ لإسقاط حق الله وجبر ما انكسر من حدوده فَمَنْ لَمْ يَجِدْ رقبة مملوكة ولا ما يتوصل به إليها فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ اى يلزم عليه شرعا ان يصوم شهرين كاملين على التوالي بلا فصل كسرا لما جرأه على هذا الخطأ وليكون تَوْبَةً وندامة مقبولة عند الله مكفرة لخطئه ناشئة مَنْ خوف اللَّهِ وخشيته لاجترائه على تخريب بيته وَكانَ اللَّهُ المطلع بضمائر عباده عَلِيماً بحالهم وقت انابتهم ورجوعهم حَكِيماً فيما أمرهم به وحكمه عليهم لازالة ما صدر عنهم

وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً مباشرا على قتله ارادة واختيارا. والعمد على هذا الوجه من امارات الاستحلال فَجَزاؤُهُ اى جزاء المستحل ووبال وزره لا يسقط عنه لا بالتحرير ولا بالدية ولا بالصوم ولا بالصدقة بل ما جزاؤه الا جَهَنَّمُ البعد عن جوار الله بحيث يصير خالِداً فِيها مؤبدا الى ما شاء الله وَمع خلوده في جحيم الخذلان وسعير الحرمان قد غَضِبَ اللَّهُ المنتقم الغيور عَلَيْهِ دائما اى اخذله واخزاه بأنواع المذلة والخزي والهوان وَلَعَنَهُ اى طرده عن ساحة عز حضوره واسقطه عن مرتبة خلافته وَأَعَدَّ لَهُ

وهيأ لأجله عَذاباً عَظِيماً بحيث لا يصفو معه ابدا ولا ينظر اليه بنظر الرحمة والمغفرة أصلا. نعوذ بك من غضبك وسخطك يا ارحم الراحمين ومن عظم امر القتل عند الله وازالة الحيوة التي قد حصلت من نفخ الروح الذي قد اضافه الحق الى نفسه امر سبحانه على المؤمنين الذين يقصدون بالقتال والجهاد رضا الله وإعلاء دينه وترويج كلمة توحيده بالتبيين والتفتيش فيه على وجه المبالغة حتى لا يؤدى الى تخريب بنائه سبحانه وابطال صنعه بلا رخصة شرعية

فقال مناديا يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مقتضى ايمانكم إِذا ضَرَبْتُمْ وسافرتم للجهاد فِي سَبِيلِ اللَّهِ لإعلاء كلمة توحيده وانتصار دينه ونبيه فَتَبَيَّنُوا اى فاطلبوا بيان الأمر ووضوح الحال من كل من استقبل عليكم ولا تبادروا الى قتل احد بغتة بلا تفتيش حاله وَخصوصا لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ اظهر الإطاعة والانقياد لَسْتَ مُؤْمِناً بمجرد إلقاء السّلام واظهار الوفاق بل ما أنت الا كافر مداهن خائف تبادر علينا بالاطاعة والايمان حفظا لدمك ومالك وأنتم تقولون له هكذا حال كونكم تَبْتَغُونَ وتطلبون بهذا القول عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا اى متاعها التي هي حطام زائلة وأثاث باطلة فَعِنْدَ اللَّهِ لكم ان امتثلتم لأمره ورضيتم لحكمه مَغانِمُ كَثِيرَةٌ مما يتلذذ به نفوسكم وقلوبكم يغنيكم عن حطام الدنيا ومزخرفاتها بادروا إليها ولا تميلوا الى لذات الدنيا الفانية كَذلِكَ اى مثل من القى إليكم السلم قد كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فيما مضى اى قبل رسوخكم على الايمان وقبل اطمينانكم على شعائر الإسلام قد تفوهتم أنتم ايضا بكلمتي الشهادة وأظهرتم الايمان والإطاعة لحفظ دمائكم وأموالكم بلا ملكة ورسوخ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ بالتمكن والاطمينان والعزيمة الصحيحة والاستقامة التامة الكاملة في شعائر الإسلام فَتَبَيَّنُوا أنتم ايضا عن حالهم واقبلوا منهم ما قالوا كما قبل الله منكم من قبل رجاء ان يكشفوا بما كوشفتم إِنَّ اللَّهَ المطلع بسرائركم وضمائركم قد كانَ في سابق علمه بِما تَعْمَلُونَ من الأغراض المؤدية الى الحطام الدنية الدنيوية خَبِيراً عليما لا يعزب عن علمه وخبرته شيء. روى ان سرية من اصحاب رسول الله غزت اهل فدك فهربوا وبقي فيها مرداس اعتمادا على إسلامه فلما رأى الخيل الجأ غنمه الى شعب الجبل وصعد عليه فلما تلاحقوا كبروا وكبر ايضا ونزل وقال لا اله الا الله

<<  <  ج: ص:  >  >>