للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَسْبُهُمْ اى النار محسبهم وقرينهم وَمع ذلك قد لَعَنَهُمُ اللَّهُ اى طردهم وابعدهم عن سعة رحمته وَلَهُمْ بسبب طرد الله إياهم ولعنه عليهم عَذابٌ عظيم فوق عذاب جهنم مُقِيمٌ دائم غير منقطع يتأملون طرد الله إياهم ويتعذبون بها ولا عذاب أعظم من حرمان الوصول الى جنة الحضور نعوذ بك منك لا ملجأ لنا غيرك يا ذا القوة المتين وبالجملة مثلكم ايها المتمردون المنهمكون في الكفر والضلال المصرون على النفاق والعناد المعادون مع الله ورسوله

كَالَّذِينَ اى كمثل الكفرة الذين مضوا مِنْ قَبْلِكُمْ بطرين مفتخرين بما عندهم من حطام الدنيا ومزخرفاتها بل هم قد كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وقدرة وَأَكْثَرَ منكم أَمْوالًا وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ اى مع نصيبهم وحظهم مما قدر لهم من لذات الدنيا وشهواتها واستكبروا على من أرسل إليهم لتكميلهم وإرشادهم فَاسْتَمْتَعْتُمْ أنتم ايضا بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ اى أخذتم وشرعتم أنتم في الأباطيل وتكذيب الرسول والمعاداة معه وقصد إيذائه وقتله وقتل من آمن له كَالَّذِي خاضُوا اى كالمسرفين الذين خاضوا وشرعوا في حق أنبيائهم ورسلهم بما لا يليق بشأنهم انظروا الى وخامة عاقبتهم كيف استوصلوا فانتظروا أنتم لمثله بل باشد منها وبالجملة أُولئِكَ البعداء المردودون عن منهج الرشد والسداد قد حَبِطَتْ اى هلكت واضمحلت وبطلت أَعْمالُهُمْ التي قد عملوها لتفيدهم وتنفعهم فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فلم تنفعهم أصلا لا في الاولى ولا في الاخرى لعدم مقارنتها بالإيمان وتصديق الرسل وَأُولئِكَ الضالون عن طريق الحق هُمُ الْخاسِرُونَ المقصورون على الخسران الأبدي المقضيون بالحرمان والخذلان السرمدي وبالجملة مثلكم ايها المنافقون كمثلهم بل أنتم أسوأ حالا منهم إذ نبيكم الذي أنتم قد كذبتم به أعلى رتبة من عموم الأنبياء

أَيصر المنافقون على النفاق والشقاق ولَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ خبر إهلاك القوم الَّذِينَ مضوا مِنْ قَبْلِهِمْ كيف اهلكهم الله تعالى بظلمهم وذنوبهم مثل قَوْمِ نُوحٍ عليه السّلام كيف استوصلوا بالطوفان وَعادٍ بالريح وَثَمُودَ بالرجفة وَقَوْمِ إِبْراهِيمَ عليه السّلام بالبعوض وَأَصْحابِ مَدْيَنَ اى قوم شعيب عليه السّلام قد اهلكوا بالنار النازلة عليهم من جانب السماء يوم الظلة وَالْمُؤْتَفِكاتِ قرى قوم لوط قد هلكوا بالزلزلة وامطار الأحجار عليهم بحيث يجعل عاليها سافلها كل من أولئك الهالكين قد أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ الواضحة الدالة على صدقهم في دعويهم فكذبوهم عنادا ومكابرة فلحقهم ما لحقهم بشؤم تكذيبهم فَما كانَ اللَّهُ المصلح لأحوال عباده لِيَظْلِمَهُمْ اى لم يكن من سنته سبحانه الانحراف عن القسط الى حيث يؤدى الى الظلم المتباعد عن ساحة ذاته سبحانه بمراحل إذ هو سبحانه مستو دائما على العدل القويم والصراط المستقيم وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ بالخروج عن مقتضى العدل الإلهي الموضوع فيهم من قبل الحق بنيابة رسله

ثم لما ذكر سبحانه احوال المنافقين ومظاهرتهم ومعاونتهم عقب أحوالهم بأحوال المؤمنين جريا على سنته المستمرة فقال وَالْمُؤْمِنُونَ الموقنون بتوحيد الله المصدقون لرسله وَالْمُؤْمِناتُ الملحقات بهم المتفرعات عليهم بَعْضُهُمْ في الأمور الدينية أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ بالمظاهرة والموالاة وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ بمقتضى ما وصل إليهم من رسلهم وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ المفروضة المصفية لبواطنهم عن الميل والانحراف الى غير الحق وَايضا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ المطهرة لظواهرهم عن الاشتغال بما سواه سبحانه وَبالجملة

<<  <  ج: ص:  >  >>