جهنم من شدة تلهبه وتسعره بإنطاق الله إياها هَلْ مِنْ مَزِيدٍ على المطروح حتى يطرح. ثم يطرح ما بقي من أهلها الى ان امتلأت انجازا لما وعد لها الحق بقوله لا ملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين
وَاذكر ايضا يا أكمل الرسل للمؤمنين المطيعين يوم أُزْلِفَتِ وقربت الْجَنَّةُ الموعودة لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ بل بحيث يرون منازلهم فيها من غاية قربها قبل دخولهم ويتمنون الوصول فيقال لهم حينئذ
هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ رجاع نحو الحق في عموم ملماته تواب الى الله من عموم زلاته ومطلق فرطاته في نشأة الاختبار حَفِيظٍ لتوبته على وجه الندم والإخلاص بلا توهم عود ورجوع إليها أصلا وبالجملة
مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ واجتنب عن عموم محارمه ومنهياته خائفا من سخطه راجيا من سعة رحمته حال كونه في نشأة الاعتبار والاختبار قبل انكشاف السرائر والأستار وحلول النشأة الاخرى ورضى بالتكالف الإلهية ووطن نفسه لامتثال عموم الأوامر والنواهي وبمطلق الاحكام الجارية على ألسنة الرسل والكتب وَمع ذلك قد جاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ الى الله مقبل نحوه طوعا ورغبة مخلص في طاعة الله واطاعة رسوله قيل لهم حينئذ من قبل الحق على وجه التبشير
ادْخُلُوها اى الجنة المعدة لأرباب التقوى بِسَلامٍ حال كونكم سالمين آمنين من العذاب لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون ذلِكَ اليوم الذي أنتم فيه الآن يَوْمُ الْخُلُودِ في الجنة الموعودة لأرباب العناية والشهود. جعلنا الله من زمرتهم بمنه وجوده وبالجملة
لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها من اللذات الحسية والعقلية المحاطة بمداركهم وآلاتهم بل وَلَدَيْنا مَزِيدٌ على ما يسألون وما يأملون بحسب استعداداتهم مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ثم قال سبحانه تهديدا على من اعرض عن دينه ونبيه
وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ اى قبل قومكم يا أكمل الرسل مِنْ قَرْنٍ اى اهله يعنى أقواما كثيرة وامما شتى قد أهلكنا قبلهم مع انه هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً قوة وقدرة واكثر أموالا واولادا كعاد وثمود وفرعون وغيرهم فَنَقَّبُوا اى انصرفوا وانقلبوا وساروا فِي الْبِلادِ متمنين هَلْ يجدون مِنْ مَحِيصٍ مهرب ومخلص من بطش الله وحلول عذابه عليهم فلم يجدوا بعد ما استحقوا الأخذ والتعذيب والإهلاك وبالآخرة هلكوا واستؤصلوا حتما فكذا هؤلاء المسرفون المعاندون سيهلكون كما هلكوا وبالجملة
إِنَّ فِي ذلِكَ القرآن العظيم الذي نزل عليك يا أكمل الرسل لَذِكْرى اى عظة وتذكيرا وعبرة وتنبيهما لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ يتفطن من تقلبات الأحوال وتطوراتها الى شئون الحق وتجلياته الجمالية والجلالية حسب اقتضاء الذات بالإرادة والاختيار وكمالات الأسماء والصفات الذاتية أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ اى يكون من ارباب الارادة الصادقة الخالصة عن شوائب السمعة ورعونات الرياء بحيث القى سمعه الى استماع كلمة الحق من اهله وَهُوَ حينئذ شَهِيدٌ حاضر القلب فارغ الهم حديد الفطنة صحيح الارادة خالص العزيمة مترقب لان ينكشف له ما انكشف لأرباب القلوب فيكون منهم. ثم لما قالت اليهود ان الله خلق العالم في ستة ايام من الأسبوع وبعد ما عيى من الخلق والإيجاد استلقى على العرش في يوم السبت للاستراحة رد الله عليهم فقال
وَلَقَدْ خَلَقْنَا وأظهرنا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما من الكوائن الممتزجة منهما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ على عدد الأقطار والجهات وَمع ذلك ما مَسَّنا وما عرض علينا وما لحق بنا مِنْ لُغُوبٍ وصب وتعب وعياء وفتور كما زعم هؤلاء المسرفون المفرطون إذ ذاتنا المتعالية متنزهة عن طريان أمثال هذه