للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْمالَكُمْ لتثمر لكم الثمرات العجيبة البديعة والدرجات العلية الرفيعة عنده سبحانه وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ التي صدرت عنكم لو تبتم واخلصتم فيها وَبالجملة مَنْ يُطِعِ اللَّهَ حق أطاعته ويخلص في اعماله وَيطع رَسُولَهُ اطاعة خالية عن وصمة الأذى وعموم الرعونات المؤدية الى انواع المكروهات والمنكرات فَقَدْ فازَ ونال ذلك المطيع فَوْزاً عَظِيماً ألا وهو الدخول بدار الخلود والفوز بلقاء الخلاق الودود. ثم لما أراد سبحانه بمقتضى تجلياته الحبية اللطفية ان يطالع ذاته الكاملة المتصفة بصفات الكمال في مرآة مجلوّة تصير نائبة عنه خليفة له يتراءى فيها عموم أوصافه وأسمائه الذاتية على ما قد أشار اليه الحديث القدسي صلوات الله على قائله عرض سبحانه امانة الخلافة والنيابة على استعدادات المظاهر وقابليات المصنوعات كلها فامتنع الكل وابى عن قبولها وحملها كما قال سبحانه مخبرا

إِنَّا بمقتضى تجلياتنا الجمالية المنبعثة عن الشئون الحبية والتطورات اللطفية قد عَرَضْنَا الْأَمانَةَ يعنى امانة الخلافة والنيابة وأردنا ان نحمل أعباء المعرفة والعبودية المشتملة على التخلق بالأخلاق الفاضلة الإلهية المستتبعة للتكليفات الشاقة الطبيعية لتحصل التصفية والتزكية من إكدار الهيولى المانعة عن الوصول الى الملأ الأعلى وعالم اللاهوت عَلَى استعدادات السَّماواتِ العلى وَعلى قابليات الْأَرْضِ السفلى وَكذا على قلل الْجِبالِ السنى وكذا على قوابل الممتزجات من المركبات العظمى والمولدات الكبرى فَأَبَيْنَ وامتنعن بأجمعهن أَنْ يَحْمِلْنَها إذ نحن في سابق حضرة علمنا المحيط ولوح قضائنا المحفوظ ما اودعنا في استعداداتهم وقابلياتهم ما يسع لحمل هذه الامانة العظيمة والكرامة الكريمة وَلذلك قد أَشْفَقْنَ جميعا وخفن وخشين مِنْها ومن حملها مخافة ان لا يقين حقها وَبعد ما قد امتنعن وخفن جميعا عن حملها وقبولها قد حَمَلَهَا وقبلها الْإِنْسانُ المصور على صورة الرحمن المنتخب عن عموم الأكوان بالقوة القدسية المودعة فيه المقتضية لحملها وقبولها وبالجملة إِنَّهُ اى الإنسان حينئذ من كمال شوقه ووفور تحننه وذوقه المنبعث من افراط محبته وعشقه الى مبدئه ومن نهاية تلذذه بجمال معشوقه المعنوي ومحبوبه الحقيقي وغاية ولهه وحيرته بمطالعة وجهه الكريم قد كانَ في حملها ظَلُوماً على نفسه بارتكاب التحميلات البليغة والتكليفات الشديدة العسيرة من قطع المألوفات الطبيعية والمشتهيات الشهية البهيمية وعموم اللذات الحسية الناسوتية ومن غاية تحننه الى مبدئه كان جَهُولًا ذهولا غافلا ايضا عن مقتضيات ناسوته وملائماتها حسب القوى البشرية بالقوة الغالبة الروحانية اللاهوتية الجالبة الجاذبة للسعادات الازلية الابدية على القوى الجسمانية والآلات الطبيعية المستتبعة للشقاوة السرمدية فأين هذا من ذلك. رزقنا الله المنعم المفضل ان لا نظلم نحن على أنفسنا ونمنعها عن مقتضياتها وأمانيها الناسوتية بمنه وجوده. ومن جملة الأمانات المحمولة على الإنسان حفظ السرائر ورعاية الآداب والحقوق الجارية بين ذوى الألباب من الرجال والنساء وانما حمل عليهم سبحانه ما حمل ابتلاء لهم واختبارا

لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الحكيم المتقن في أفعاله الْمُنافِقِينَ المخفين الساترين كفرهم وشركهم وعموم الخيانات الصادرة عنهم لمصلحة دنيوية وَالْمُنافِقاتِ منهم كذلك وَالْمُشْرِكِينَ المصرين المجاهرين بكفرهم وشركهم وعموم خياناتهم وَالْمُشْرِكاتِ ايضا كذلك تعذيبا شديدا وعقابا أليما مزيدا لعدم وفائهم على حفظ الأمانات المحمولة عليهم وَايضا يَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ اى يوفقهم على التوبة والانابة بعد ما صدر عنهم شيء من الخيانات وشائبة

<<  <  ج: ص:  >  >>