للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي نزل عليه هذا الأمين بهذا الكتاب المبين يعنى محمدا صلّى الله عليه وسلم بِمَجْنُونٍ مختل القوى والآلات كما زعمتم إذا زعمكم هذا بالنسبة اليه صلّى الله عليه وسلّم انما هو من غاية انحطاطكم عن رتبته وجهلكم بمكانته والا فهو صلّى الله عليه وسلّم في أعلى طبقات الإدراك

وَكيف لا يكون صلّى الله عليه وسلّم في أعلى طبقات الإدراك والمعرفة لَقَدْ رَآهُ يعنى قد علم وعرف صلّى الله عليه وسلّم جبرائيل الذي هو العقل الكل بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ الذي هو حضرة العلم الإلهي ولوح قضائه

وَما هُوَ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْغَيْبِ الذي اطلعه الحق عليه من الحقائق والرموز والإشارات المتعلقة بتصفية الظاهر والباطن وتخلية السر والضمير عن الالتفات الى الغير مطلقا بِضَنِينٍ شحيح بخيل سيما بعد ما امره سبحانه بنشرها وتبليغها او ما هو صلّى الله عليه وسلّم على المغيبات التي نطق بها بمقتضى الوحى الإلهي والهامه بضنين متهم يتهمه احد وينسبه على الافتراء المستبعد عن علو شأنه وعن رفعة قدره ومكانه صلّى الله عليه وسلّم بمراحل

وَكذا ما هُوَ يعنى القرآن الذي هو صلّى الله عليه وسلّم تكلم به ونزل هو عليه صلّى الله عليه وسلم بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ اى ما هو شعر وكهانة ناشئة من شياطين الوهم والخيال كما زعمه اهل الزيغ والضلال المتردين في اودية الجهل والغفلة وهاوية العناد والجدال وبعد ما قد لاح عظم شأن القرآن ورفعة قدره وعلو مكانته

فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ تعدلون وتنصرفون عن جادة العدالة الإلهية المذكورة المبينة في هذا الكتاب المبين ايها الضالون المضلون

إِنْ هُوَ اى ما هذا القرآن العظيم إِلَّا ذِكْرٌ عظيم وعظة كبيرة لِلْعالَمِينَ اى بعموم من جبل على فطرة التذكير وقابلية الإرشاد والتكميل

لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ اى عظة وتذكير لمن قصد الاستقامة على صراط العدالة الإلهية وتذكر به واتعظ بإرشاده وهدايته

وَغاية ما في الباب انه ما تَشاؤُنَ وتختارون طريق الهداية والرشاد لأنفسكم إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ لكم هدايتكم ويوفقكم على الاستقامة والرشاد عناية منه وفضلا إذ عموم أفعالكم وأحوالكم وأقوالكم انما هي مستندة الى الله صادرة منه سبحانه اصالة إذ هو سبحانه رَبُّ الْعالَمِينَ لا مربى في الوجود سواه ولا مدبر للعالم في الشهود الا هو ومقتضى تربيته وتكميله ارشاد عباده وتوفيقه الى ما هو أصلح لهم وأليق بحالهم. وفقنا بفضلك وجودك لما تحب وترضى عنا يا مولانا

[خاتمة سورة التكوير]

عليك ايها الطالب لتوفيق الحق وتربيته على الوجه الأصلح الأليق ان تفوض عموم أمورك وأعمالك واحوالك كلها الى مشيته وتسلمها اليه سبحانه طوعا ورغبة بلا توهم تخيير واختيار منك وارادة جزئية او كلية إذ ليس لك من الأمر شيء بل الأمور الجارية كلها لله وبمقتضى تقديره وقضائه وليس لك الا التسليم والرضاء بجميع ما جرى عليك من القضاء وإياك إياك الاغترار بالحياة الدنيا الغدارة وما فيها من المزخرفات الخداعة المكارة فإنها دار العبور والاعتبار لا منزل الاقامة والقرار واللائق بحال الفطن الزكي ان لا يتمكن فيها الا على وجه الضرورة والاضطرار لا على سبيل الرضاء والاختيار. جعلنا الله ممن تنبه لبطلان الدنيا الدنية وعموم ما فيها وتحقق عنده عدم ثباتها وقرارها بمنه وجوده

<<  <  ج: ص:  >  >>