للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنبياء الماضين ومع ذلك لم تؤمن بهم أممهم بل قد كذبوهم وأصروا على ما هم عليه من الكفر والضلال فهؤلاء ايضا أمثالهم لم يؤمنوا بك بعد إتيان مقترحاتهم ايضا

وَقل لهم يا أكمل الرسل ايضا قولنا هذا نيابة عنا لَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ نازل من عندنا لاصرارهم وعنادهم مِنْ قَبْلِهِ اى من قبل ارسالك إليهم لَقالُوا البتة حين نزول العذاب عليهم كما قالت تلك الأمم الهالكة عند نزوله رَبَّنا لَوْلا وهلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا من عندك مصحوبا بالآيات البينات فَنَتَّبِعَ آياتِكَ الدالة على وحدة ذاتك حينئذ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ بهذا الإذلال وَنَخْزى بهذا الخزي والوبال وان عاندوا معك يا أكمل الرسل سيما بعد سماع هذه الدلائل الواضحة والبينات اللائحة اعرض عنهم وعن مكالمتهم ومناصحتهم

وقُلْ لهم كلاما يشعر باليأس عن ايمانهم وإصلاحهم وصلاحهم كُلٌّ منا ومنكم مُتَرَبِّصٌ منتظر لهلاك الآخر بسبب الشقاوة والاعراض عن الحق فَتَرَبَّصُوا وانتظروا أنتم لهلاكنا بشقاوتنا على زعمكم فنحن منتظرون ايضا بمقتضى زعمنا بهلاككم بشرككم وكفركم وإذا كشف الغطاء وقامت الطامة الكبرى وظهر يوم العرض والجزاء فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ المستقيم المعتدل الغير المعوج ومن المتلون والمتمكن عليه أنحن أم أنتم وَمَنِ اهْتَدى منا من تيه الضلال الى فضاء القرب والوصال

[خاتمة سورة طه]

عليك ايها المحمدي الطالب بسلوك طريق الحق بالاستقامة التامة والتثبت عليه بلا اعوجاج وتزلزل لتهتدى بسلوكه الى زلال الوحدة الذاتية هي ينبوع بحر الوجود ومنشأ عموم الموجود ان تقتفى اثر نبيك صلّى الله عليه وسلّم في جميع أفعاله واعماله وتتخلق بعموم أخلاقه وأوصافه حسب ما أمكنك وقدر ما يسر لك ولا تهمل دقيقة من دقائق الشرع الشريف المصطفى بل لك ان تتبع به صلّى الله عليه وسلّم في عموم ما جاء به من قبل ربه وانشأه من عند نفسه بلا تفحص وتفتيش عن حكمه وسرائره حتى ينكشف لك بعد الوصول الى مرتبتك التي قد كلفك الحق إليها وجبلك لأجلها وبعد العروج الى معراجك الذي قد عين لك الحق في حضرة علمه المحيط احسب استعدادك الفطري وقابليتك الجبلية فح قد ظهر لك سرائر ما أوصاك به نبيك صلّى الله عليه وسلّم ورمز اليه وصرت حينئذ من اهل المعرفة والإيقان ان شاء ربك ووفقك عليه وفقنا يا ربنا بفضلك وجودك الى معارج عنايتك ومقر توحيدك يا ذا الجود العظيم

[سورة الأنبياء عليهم السّلام]

فاتحة سورة الأنبياء عليهم السّلام

لا يخفى على المتمكنين في مقر التوحيد الواصلين الى مرتبة الفناء في الوحدة الذاتية ان سر الهبوطات والتنزلات المنتشئة من وحدة الذات حسب اقتضاء الأسماء والصفات الإلهية انما هو لاكتساب المعارف والحقائق والاتصاف بالكمالات اللائقة ليحصل لهم الترقي والتدرج متصاعدين الى ما منه البداية واليه النهاية فلا بد في النشأة الاخرى من انتقاد ما حصل في النشأة الاولى ليعود كل من المكلفين الى مبدأه على الوجه الذي بدأ منه لذلك وضع سبحانه يوم العرض والجزاء لانتقاد اعمال عموم عباده على تفاوت طبقاتهم ودرجاتهم فيها وقد وضع ايضا لهذه الحكمة المتقنة جميع ما وضع في يوم الجزاء من العرض والحساب والصراط والميزان وكذا صحف الأعمال ومنازل الجنة والنار وغيرها

<<  <  ج: ص:  >  >>