للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي بمقتضى فضل الله وعدله وبحسب توفيقه وتيسيره وبالجملة مَنْ يَعْمَلْ منكم ومنهم سُوءاً يسوء به نفسه او غيره يُجْزَ بِهِ على مقتضى عدل الله عاجلا وآجلا وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا ينقذه من عذاب الله وَلا نَصِيراً يحمل بعض عذابه تخفيفا له

وَكذا مَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ المأمورة له كلها او بعضها سواء كان العامل مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَالحال انه هُوَ مُؤْمِنٌ بالله وبكتبه ورسله وبعموم ما جاءوا به من عنده فَأُولئِكَ الصلحاء الأمناء يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ المعدة لأهل الايمان والصلاح وَلا يُظْلَمُونَ ولا ينقصون من جزاء ما عملوا نَقِيراً مقدار نقر النواة بل يزادون عليها ما شاء الله تفضلا وامتنانا لا حول ولا قوة الا بالله

وَبالجملة مَنْ أَحْسَنُ دِيناً وأقوم طريقا وسبيلا مِمَّنْ أَسْلَمَ وسلم وَجْهَهُ المفاض له لِلَّهِ المفيض لوجود الأشياء الموجودة وَالحال انه هُوَ في حالة التسليم مُحْسِنٌ مع الله متأدب معه سبحانه مستغرق بمطالعة جلاله وجماله وَمع ذلك قد اتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ التي هي أقوم الملل وأحسنها إذ هو في نفسه حَنِيفاً مائلا عن الأديان الباطلة والآراء الفاسدة مطلقا وَلذلك قد اتَّخَذَ اللَّهُ العليم المطلع لضمائر عباده إِبْراهِيمَ خَلِيلًا كأنه قد تخلل سبحانه فيه من كمال محبته وخلته الى حيث صار سمعه وبصره ويده ورجله على ما نطق به الحديث القدسي ولا يظن ان تخلّله فيه على وجه الحلول والاتحاد بل على سبيل التوحيد الصرف الخالي عن مطلق الكثرة والثنوية قطعا

وَلِلَّهِ الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد عموم ما ظهر فِي السَّماواتِ اى العلويات وَكذا عموم ما ظهر فِي الْأَرْضِ اى السفليات إذ كل ما ظهر وبطن غيبا وشهادة منه بدأ واليه يعود وَكانَ اللَّهُ المتجلى في الآفاق والأنفس بالاستقلال والاستحقاق بِكُلِّ شَيْءٍ من مظاهره مُحِيطاً لا كاحاطة الظرف بالمظروف بل كاحاطة الشمس بالاضواء والاظلال واحاطة الأرواح بالأشباح والماء بالأمواج. ذقنا بلطفك حلاوة توحيدك يا أكرم الأكرمين

ثم قال سبحانه وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ميراث النِّساءِ هل ترثن أم لا قُلِ في جوابهم يا أكمل الرسل اللَّهُ الحكيم العليم يُفْتِيكُمْ ويبين لكم فِيهِنَّ وفي ميراثهن وَهو ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ اى القرآن فِي حق يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وتحرمونهن عن حقوقهن ظلما وَمع ذلك تَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ او تعضلوهن كرها وَايضا في حق الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ إذ هم كانوا لا يورثونهم كمالا يورثون النسوان وَعليكم ايها الحكام أَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ والعدل بلا حيف وميل لهم في مالهم وعرضهم وَبالجملة ما تَفْعَلُوا معهم مِنْ خَيْرٍ وشر فَإِنَّ اللَّهَ الرقيب عليكم كانَ بِهِ وبماله وعرضه عَلِيماً بعلمه الحضوري يجازيكم بمقتضى علمه وخبرته ان خيرا فخير وان شرا فشر

وَإِنِ اضطرت امْرَأَةٌ الى السراح والفرقة بان خافَتْ مِنْ بَعْلِها بسوء عشرته معها وعدم رعاية حقوقها نُشُوزاً تجافيا عنها ميلا الى غيرها أَوْ إِعْراضاً طلاقا وسراحا فَلا جُناحَ ولا ضيق ولا تعب ولا اثم عَلَيْهِما اى على الزوجين أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما بان أسقط كل منهما عما استحق له شيأ أو زاد عليه الى ان يتصالحا صُلْحاً ناشئا عن التراضي من الجانبين ولا يؤدى أمرهما الى الفرقة والطلاق وَبالجملة الصُّلْحُ والالفة بينهما خَيْرٌ من الطلاق والفرقة وَلكن قلما يقع إذ قد أُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>