للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَما هُمْ حين اخذه وبطشه بِمُعْجِزِينَ مقاومين قادرين على دفع قهر الله وعذابه

أَوْ يَأْخُذَهُمْ العذاب عَلى تَخَوُّفٍ وتنقص من أموالهم وأولادهم على سبيل التدريج الى ان يستأصلهم بالمرة فَإِنَّ رَبَّكُمْ ايها المجترئون على الله ورسوله المسيئون الأدب معهما لَرَؤُفٌ عطوف مشفق لا يعاجلكم بالعذاب رَحِيمٌ يمهلكم ويؤخر انتقامكم رجاء ان تتذكروا وتتعظوا

أَيصرون ويستمرون أولئك المشركون المسرفون على الشرك والنفاق وَلَمْ يَرَوْا ولم ينظروا نظر عبرة واستبصار إِلى انقياد جميع ما خَلَقَ اللَّهُ وأظهره من كتم العدم إظهارا إبداعيا لحكمه وامره مِنْ شَيْءٍ من الأشياء يَتَفَيَّؤُا يميل وينقلب ظِلالُهُ بانقلاب الشمس وحركتها عَنِ الْيَمِينِ مرة وَالشَّمائِلِ اخرى على مقتضى اختلاف أوضاع الشمس حال كونهم سُجَّداً ساجدين متذللين واضعين جباحهم على تراب المذلة اطاعة وانقيادا لِلَّهِ الواحد الأحد المستقل بالالوهية والربوبية وَهُمْ في جميع حالاتهم وتقلباتهم داخِرُونَ صاغرون ذليلون خائفون من جلال الله وكبريائه مستوحشون عن سطوة قهره وبلائه وصولة استيلائه

وَكيف يستكبرون أولئك المشركون المسرفون عن انقياد الله وأطاعته إذ لِلَّهِ لا لغيره من الاظلال الهالكة والتماثيل الباطلة يَسْجُدُ ويتذلل طوعا وطبعا عموم ما فِي السَّماواتِ وَكذا عموم ما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ تتحرك وتخرج من العدم نحو الوجود بامتداد اظلال الأوصاف الإلهية وبرش رشحات زلال جود وجوده عليها وَلا سيما الْمَلائِكَةُ المهيمون المستغرقون في مطالعة جمال الله وجلاله وَهُمْ مع غاية قربهم وتنزههم عن العلائق المبعدة عن الله ونهاية تجردهم عن أوصاف الإمكان مطلقا لا يَسْتَكْبِرُونَ عن عبادة الله وعن التذلل نحوه فكيف أنتم ايها الهلكى الغرقى المنغمسون في بحر الغفلة والضلال

وانما يسجدون أولئك الساجدون المتذللون لأنهم يَخافُونَ رَبَّهُمْ القادر المقتدر على وجوه الانعام والانتقام من ان يرسل عليهم عذابا مِنْ فَوْقِهِمْ إذ هم مقهورون تحت قبضة قدرته وَلذلك يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ ويجتنبون عما ينهون

وَكيف لا تمتنعون عن اثبات الشركاء لله الواحد الأحد الفرد الصمد ايها المشركون المعاندون سيما بعد ما قالَ اللَّهُ عز شأنه وجل برهانه لا تَتَّخِذُوا ايها المكلفون بالإيمان والعرفان إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ مستحقين للعبادة والانقياد فكيف الزيادة بل إِنَّما هُوَ اى ليس في الوجود والشهود الا إِلهٌ واحِدٌ يعبد بالحق ويرجع نحوه في مطلق الوقائع والخطوب ويفوض اليه الأمور كلها وما هو الا انا المتصف بعموم أوصاف الكمال ونعوت الجلال والجمال فَإِيَّايَ لا الى غيرى من مخلوقاتي ومصنوعاتى الحاصلة من اظلال أسمائي وصفاتي فَارْهَبُونِ وخصوني بالخوف والرجاء وارجعوا نحوي عند هجوم البلاء وحلول القضاء إذ لا راد لقضائي الا فضلي وعطائي

وَكيف لا يرجع اليه سبحانه ولا يستغاث منه مع ان لَهُ ملكا وتصرفا ومنه إبداء وإنشاء عموم ما ظهر فِي السَّماواتِ اى عالم الأسماء والصفات التي هي فواعل العلويات المفيضات المؤثرات وَكذا عموم ما في الْأَرْضِ اى عالم الطبيعة من الاستعدادات التي هي قوابل السفليات المتأثرات من العلويات وَايضا لَهُ لا لغيره من الأسباب والوسائل العادية الدِّينُ اى الإطاعة والانقياد والتوجه والرجوع واصِباً دائما حتما لازما جزما أَفَغَيْرَ اللَّهِ المحيط للكل احاطة شهود وحضور تَتَّقُونَ وتحذرون ايها الجاهلون بحق قدره مع انه لا ضار سواه ولا نافع غيره

وَ

<<  <  ج: ص:  >  >>