والأنانيات بل متى خلصوا عن مضيق الطبيعة وانخلعوا عن لوازمها حضروا واجتمعوا عندنا ورجعوا إلينا بل وصلوا بنا واتصلوا بحضرة وحدتنا وحينئذ لم يبق الفرق وصاروا ما صاروا لا اله الا هو ولا موجود سواه هذا على قراءة لما بالتشديد واما على قراءة من قرأ بالتخفيف كان ان حينئذ مخففة من الثقيلة وما في لما مزيدة للتأكيد واللام للفرق بين المثقلة والمخففة والمعنى انه اى الشأن كل من الأمم الهالكة السالفة مجموعون البتة لدينا محضرون جميعا عندنا في يوم الجزاء او في حضرة لاهوتنا بعد انخلاعهم عن لوازم ناسوتهم
وَآيَةٌ عظيمة منا دالة على كمال قدرتنا على جمعهم وإحضارهم يوم الجزاء لَهُمُ ان يستدلوا بها على صدقها الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ اى اليابسة الجامدة التي أَحْيَيْناها وخضرناها في وقت الربيع بانزال قطرات الماء المترشحة من بحر الحياة عليها وَأَخْرَجْنا بها مِنْها حَبًّا اى جنسا من الحبوبات التي يقتاتون بها فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ وبه يعيشون ويتنعمون كذلك في يوم النشور نحيى حسب قدرتنا الكاملة الأبدان المائتة الجامدة اليابسة المتلاشية في أراضي الأجداث بانزال الرشحات الفائضة من بحر حياة الوجود بمقتضى الجود فاعدناهم احياء كما ابدعناهم أولا من العدم
وَايضا من جملة الآيات التي تدل على قدرتنا انا جَعَلْنا فِيها اى في الأرض جَنَّاتٍ بساتين ومتنزهات مملوة مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ ومن سائر ما يتفكهون به تتميما لتنعمهم وترفههم وَفَجَّرْنا اى قد أخرجنا وأجرينا فِيها اى في خلال البساتين مِنَ الْعُيُونِ والينابيع الجارية التي لا صنع لهم في إجرائها وإخراجها عناية منا إياهم إبقاء لنضارتها ونزاهتها لهم كل ذلك
لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ اى من ثمر ما ذكر وقوته ويقوموا أمزجتهم بأنواع ما وهبنا عليهم من النعم حتى يقوموا ويواظبوا على شكرها أداء لحقوقنا الواجبة عليهم وَكذا علمناهم واقدرناهم على عموم ما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ من إنشاء المزارع والبساتين والعقارات واجراء الأنهار والقنوات وحفر الآبار أَينكرون على كمال قدرتنا ووفور حولنا وقوتنا فَلا يَشْكُرُونَ نعمنا الفائضة إياهم على التعاقب والتوالي ولا ينسبونها إلينا بل الى الوسائل والأسباب العادية جهلا وعنادا طغيانا وكفرانا
سُبْحانَ القادر المقتدر القيوم المطلق المنزه المقدس عن الشبيه والنظير المتبرى عن الشريك والوزير المستقل في التصرف والتدبير الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها وقدر الأصناف المتوالدة المتزايدة برمتها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ من الشجر والنبات باجناسهما وأنواعهما واصنافهما وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ اى ذكورهم وإناثهم أنواعا وأصنافا واشخاصا وكذا من جميع ما يعلمون من أجناس الحيوانات وأنواعها وأصنافها وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ ايضا من المخلوقات التي لا اطلاع لهم عليها إذ ما من مخلوق الا وقد خلق شفعا إذ الفردية والوترية والصمدية لوجوب الوجود والقيومية المطلقة من أخص أوصاف الربوبية والألوهية لا شركة فيها للمصنوع المربوب أصلا إذ لا يتوهم التعدد والكثرة في الوجود المطلق الذي هو عبارة عن الواجب قطعا
وَايضا آيَةٌ عظيمة منا إياهم حق لَهُمُ ان تتأملوا وتستدلوا بها على كمال قدرتنا وحكمتنا وعلمنا وارادتنا اللَّيْلُ المظلم اى العدم الأصلي حين نَسْلَخُ ننزع ونظهر مِنْهُ اى من الليل المظلم النَّهارَ المضيء اى نور الوجود الفائض منا إياهم حسب امتداد اظلال أسمائنا وصفاتنا عليهم فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ مستقرون في ظلمة العدم لولا افاضة جود الوجود عليهم
وَايضا من جملة آياتنا العظام الشَّمْسُ المضيئة المشرقة على صفائح الكائنات كاشراق نور الوجود الفائض منا على هياكل