للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنار الله براهينهم وقدس الله أسرارهم وكن في عزمك هذا متوجها الى قبلة الوحدة وكعبة الذات مائلا عن الأديان الباطلة والآراء الفاسدة مصفيا قلبك عن امارات الكثرة والتعدد بحيث ارتفع عنك الالتفات الى نفسك وشأنك ايضا حتى تحل عليك الحيرة المفنية هويتك في هوية الحق المسقطة لتعيناتك رأسا ولا يتيسر لك هذا الا بالركون عن لوازم الطبيعة والخروج عنها وعن ما يترتب عليها من اللذات الوهمية والمشتهيات البهيمية التي هي مقتضيات التعينات العدمية والتشخصات الهيولانية ومتى صفا سرك وسريرتك عن أمثال هذه المزخرفات العائقة عن الاستغراق في بحر الذات قد فزت بما فزت وصرت بما صرت وحكم الله عليك بالخير والحسنى وأسكنك عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى وليس وراء الله مرمى لا حول ولا قوة الا بالله وهو يقول الحق وهو يهدى السبيل

[سورة هود عليه السّلام]

فاتحة سورة هود عليه السّلام

لا يخفى على ذوى العبرة والاستبصار واولى الخبرة والاعتبار من المنقطعين نحو الحق المتأملين في كشف غوامض اسرار توحيده بقدر الاستطاعة والاقتدار بتوفيق من عند العليم القدير المجبولين على الحكمة والتدبير من لدن حكيم خبير. ان مبنى الأمر ومناط هذا الشأن العظيم الذي هو التوحيد والعرفان انما هو على العبودية المحضة والتذلل التام والانكسار المفرط المفضى الى افناء الهويات الباطلة في هوية الحق الحقيق بالحقية وفناء التعينات العدمية فيها وذلك لا يحصل الا بمتابعة الرسول البشير النذير المؤيد من لدن عليم قدير ليرشدهم ويهديهم بالتوجه والتبتل الى اللطيف الخبير إذ مرجع الكل اليه كما ان مبدأه من عنده ومصدره لديه ومعاده اليه كما قال سبحانه. وما من دابة في الأرض الا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين. لذلك اخبر سبحانه لرسوله المبعوث على كافة الخلق المبين لهم طريق الرشد في كتابه المنزل عليه بعد احكام آياته وتفصيلها تأييدا له وتقوية لأمره ليهدى به التائهين عن جادة التوحيد المنصرفين عنها بمتابعة الشيطان المريد فقال متيمنا باسمه العظيم مخاطبا على رسوله الكريم بِسْمِ اللَّهِ الذي احكم آيات كتابه الدالة على توحيده لتكون موصلة الى وحدة ذاته لمن تمسك بها الرَّحْمنِ على عباده بتفصيل تلك الآيات تسهيلا عليهم وتوضيحا لهم الرَّحِيمِ لهم بأمرهم بالعبادة والتذلل ليتحققوا بمرتبة حق اليقين الذي هو الصراط المستقيم

[الآيات]

الر ايها الإنسان الأحق الأليق لإعلاء لواء لوامع أنوار الألوهية وارتفاع رايات رموز اسرار الربوبية بين الأنام بالبيان والتبيان هذا كِتابٌ انزل إليك لتأييدك في أمرك وشأنك ومصدق لعموم ما في الكتب السالفة جامع لأحكامها وحكمها قد أُحْكِمَتْ ضممت ونظمت آياتُهُ أشد تنظيم وتضميم وابلغ احكام وإتقان بحيث لا يعرضه خلل واختلال أصلا لا في معناه ولا في لفظه لذلك عجزت عن معارضته عموم ارباب اللسان والبيان مع وفور دواعيهم ثُمَّ بعد أحكامه لفظا ومعنى قد فُصِّلَتْ وأوضحت فيه المعارف والحقائق والاحكام المتعلقة بالعقائد والعلوم اليقينية والقصص المشيرة الى العبر والمواعظ والأمثال المشعرة الى الرموز والإشارات الصادرة مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ متقن في أفعاله خَبِيرٍ تصدر منه الأفعال على وجه الخبرة والاعتبار

ومن اجلة ما حكم فيه واحكم أَلَّا تَعْبُدُوا ايها الاظلال المجبولون على العبادة حسب الفطرة الاصلية إِلَّا اللَّهَ الواحد الأحد الفرد الصمد الذي قد أوجدكم وأظهركم من كتم العدم بمقتضى جوده باستقلاله إيجادا إبداعيا بمد ظله عليكم ورش نوره إليكم وقل لهم يا أكمل

<<  <  ج: ص:  >  >>