للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا أَكْبَرُ منه إِلَّا وهو مثبت مسطور فِي كِتابٍ مُبِينٍ هو حضرة علمه المحيط ولوح قضائه المحفوظ انما اثبت واحضر الكل في لوح قضائه

لِيَجْزِيَ سبحانه المؤمنين الَّذِينَ آمَنُوا بتوحيده واعترفوا بتصديق رسوله وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ المقربة اليه سبحانه المقبولة عنده خير الجزاء ويعطيهم احسن المواهب والعطاء وبالجملة أُولئِكَ السعداء المقبولون عنده سبحانه المستحقون لانواع الكرامات من لدنه لَهُمْ مَغْفِرَةٌ لما تقدم من ذنوبهم تفضلا عليهم وَرِزْقٌ كَرِيمٌ صورى في الجنة ومعنوي عند وصولهم الى شرف لقائه بلا كيف واين وبون وبين وجهة ووجهة ومكان وزمان وشأن

وَليجزي سبحانه ايضا أسوأ الجزاء وأشد العذاب والنكال الكافرين الَّذِينَ سَعَوْا واجتهدوا فِي ابطال آياتِنا الدالة على توحيد ذاتنا وكمالات أسمائنا وصفاتنا حال كونهم مُعاجِزِينَ قاصدين عجزنا عن إتيان الآيات البينات منكرين لايجادنا وانزالنا إياها بل لوجودنا في ذاتنا مكذبين لرسلنا الحاملين لوحينا صارفين الناس عن تصديقهم وعن الايمان بنا وبهم وملتهم وبالجملة أُولئِكَ الأشقياء المردودون المبعدون عن روح الله وسعة رحمته المنهمكون في الغىّ والضلال لَهُمْ عَذابٌ عظيم أشد وأسوأ مِنْ كل رِجْزٍ أَلِيمٌ وعقوبة مؤلمة لعظم جرمهم وسعيهم في ابطال آياتنا الناشئة عن كمال قدرتنا ووفور حكمتنا وانما سعوا واجتهدوا في ابطال آياتنا لجهلهم بنا وبها وبما فيها من الهداية العظمى والسعادة الكبرى وعدم تأملهم وتدبرهم في رموزاتها ومكنوناتها لذلك أنكروا بها واجتهدوا في ابطالها وتكذيبها جهلا وعنادا

وَيَرَى يا أكمل الرسل العلماء العرفاء الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ من قبلنا تفضلا منا إياهم المتعلق بان الكتاب الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ تأييدا لشأنك وترويجا لأمرك هُوَ الْحَقَّ المطابق للواقع الحقيق بالمتابعة والإطاعة الثابت نزوله من عندنا بلا ريب وتردد وَكيف لا يكون حقا مع انه هو يَهْدِي بأوامره ونواهيه وتذكيراته المندرجة فيه عموم الضالين المنصرفين عن جادة العدالة إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الغالب القادر المقتدر على انتقام عموم المنحرفين عن منهج الرشد الْحَمِيدِ المستحق في ذاته لجميع المحامد والكرامات لولا تحميد الناس له وتمجيدهم والأفعال المنبئة عن إسقاط عموم الإضافات ورفع مطلق التعينات

وَبعد ما قد سمع المشركون من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم احوال الحشر والنشر والمعاد الجسماني واهوال الفزع الأكبر قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا اى بعضهم لبعض على سبيل الاستهزاء والتهكم مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مستفهمين مستنكرين متعجبين هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يعنون الرسول صلّى الله عليه وسلّم وانما نكروه لاستبعادهم قوله وانكارهم على مقوله وانما يتحدثون بينهم به لغرابته يُنَبِّئُكُمْ بالمحال العجيب ويخبركم بالممتنع الغريب معتقدا إمكانه بل جازما بوقوعه ووجوده وهو انكم إِذا مُزِّقْتُمْ وفرقتم كُلَّ مُمَزَّقٍ يعنى تمزيقا وتفريقا بليغا وتشتيتا شديدا بحيث قد صرتم هباء فذهب بكم الرياح إِنَّكُمْ بعد ما صرتم كذلك لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ على النحو الذي كنتم عليه في حياتكم قبل موتكم بلا تفاوت كتجدد الاعراض بأمثالها وبعد ما قد سمعتم قوله كيف تتفكرون في شأنه وهو يدّعى النبوة والرسالة والوحى اليه من عند الله العليم الحكيم مع انه قد صدر عنه أمثال هذه المستحيلات واىّ شيء تظنون في امره وشأنه هذا

أَفْتَرى وكذب عن عمد ونسبه عَلَى اللَّهِ كَذِباً تغريرا وتلبيسا على ضعفاء الأنام ليقبلوا منه أمثال هذه الخرافات الباطلة ويعتقدوه رسولا مخبرا عن المغيبات وعجائب الأمور

<<  <  ج: ص:  >  >>