للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ دُونِ اللَّهِ المراقب عليهم في عموم أحوالهم وَلِيًّا يتولى امور تحصنهم وتحفظهم وَلا نَصِيراً ينصرهم على أعدائهم وبالجملة جميع اعمال العباد وأفعالهم مفوضة الى الله أولا وبالذات مقهورة تحت قدرته الكاملة فلهم ان يفوضوا اليه ليسلموا عن غوائل العناد والإصرار وان اعتذروا بك وتبرؤا عما كانوا وصاروا عليه قل لهم يا أكمل الرسل

قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ بحضرة علمه المحيط الحضوري الْمُعَوِّقِينَ المثبطين مِنْكُمْ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المتخلفين عنه في الحروب والمعارك ألا وهم المنافقون وَيعلم ايضا الْقائِلِينَ منكم ايها المنافقون من اهل المدينة لِإِخْوانِهِمْ ممن في قلوبهم مرض من المؤمنين هَلُمَّ إِلَيْنا من المخاوف والمهالك وَبعد ما سمعوا منكم إخوانكم قولكم هذا لا يَأْتُونَ الْبَأْسَ الحرب والقتال إِلَّا قَلِيلًا اى اتيانا قليلا بل يثبطون ويسوفون ويعتذرون بالأعذار الكاذبة وبالجملة هم اى المنافقون المثبطون ما أتوا ما أتوا الا

أَشِحَّةً بخلاء عَلَيْكُمْ ايها المؤمنون المخلصون بما معكم من المعاونة والنفقة في سبيل الله او خوف الظفر وفوت الغنيمة عنهم او من خوف العاقبة وانما فعلوا ذلك قبل القتال فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ وظهر امارات الوغاء وهاج امواج الفتن والحرب ولمع بروق الفناء وتشعشع صوارم القضاء رَأَيْتَهُمْ ايها الرائي حين يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ من شدة خوفهم وخشيتهم تَدُورُ تتحرك وتضطرب أَعْيُنُهُمْ احداقهم في آماقهم كَالَّذِي يُغْشى يحل ويدور عَلَيْهِ مِنَ امارات الْمَوْتِ وظهر عليه علامات السكرات فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ وزال الرعب والخشية وانهزم العدو واجتمعت الغنائم سَلَقُوكُمْ وجاؤكم متسلقين متسلطين عليكم بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ ذرابة قاطعة باسطين أيديهم الى الغنائم وقت قسمتكم صائحين عليكم قائلين لكم لستم أنتم اولى منا وأحق بهذه الغنائم مع انا قد شهدنا القتال معكم بل نحن لا نقصر وأنتم قاصرون مقصرون فبم ترجحون أنتم علينا وانما سلقوكم بها لكونهم أَشِحَّةً بخلاء عَلَى الْخَيْرِ الذي وصل إليكم من الغنائم العظام وبالجملة أُولئِكَ البعداء الهالكون في تيه النفاق والشقاق لَمْ يُؤْمِنُوا بتوحيد الله ولم يخلصوا الايمان به وبرسوله وكتابه قصدا وعزما بل انما آمنوا واعترفوا باللسان لحقن الدماء والأموال خداعا ومكرا ولذلك قد مكر الله المطلع على نياتهم بهم فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ الصالحة وأبطلها عليهم بلا ترتيب الجزاء والمثوبات الاخروية كما لاعمال المخلصين من المؤمنين وَكانَ ذلِكَ الإحباط والابطال عَلَى اللَّهِ القادر المقتدر بعموم ما ثبت في لوح قضائه يَسِيراً سهلا غير عسير عنده وان استعسرتم ايها المحجوبون بالحجب الظلمانية الكثيفة ومن كمال غيهم وضلالهم ونهاية جبنهم ورعبهم من الأحزاب

يَحْسَبُونَ ان الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا فكيف ان ينهزموا مع انهم قد ذهبوا منهزمين بحيث لم يبق منهم احد وَهم مع كمال محبتهم ومودتهم مع الأحزاب إِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ ويكروا بعد الفرار يَوَدُّوا يعنى هؤلاء المنافقون يودون إتيانهم بحيث تمنوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ ظاهرون فِي البدو خلال الْأَعْرابِ الأحزاب اى بينهم خارجون من بين اظهر المسلمين لاحقون بالكفرة معدودون منهم يَسْئَلُونَ كل قادم من قبلكم عَنْ أَنْبائِكُمْ وأخباركم وما جرى عليكم ايها المؤمنون من الوقائع الهائلة والمصيبات المهولة وَمن كمال ودادتهم مع الكفرة لَوْ فرض انهم كانُوا فِيكُمْ وقت كر الكفرة عليكم ما قاتَلُوا اى المنافقون من قبلكم مع أعداءكم إِلَّا قَلِيلًا منهم وهو ايضا على سبيل الرياء والسمعة وبمقتضى ما زعموا من جلب النفع

<<  <  ج: ص:  >  >>