للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الجنسين المذكورين أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ يعنى لم يحرم ايضا شيأ منهما ولا ما في بطنهما ذكرا كان او أنثى أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ أتدعون أنتم ايها المدعون انكم قد كنتم حضراء وقت إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهذا التحريم لأنه ما اخبر به نبي وما جاء به كتاب فبقى ان تدعوا الحضور عنده سبحانه وقت التحريم وأنتم ايها المفترون من زمرة المردودين المطرودين عن ساحة عز حضوره سبحانه فظهر أنه ما هي الا مفتريات صدرت من تسويلات نفوسكم وتلبيسات شياطين أوهامكم وخيالاتكم تفترونها على الله عدوانا وظلما فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ عن طريق الحق مع انه بِغَيْرِ عِلْمٍ وحى ونقل وارد نازل من عند الله بل من تلقاء نفسه تلبيسا وتغريرا لضعفاء العوام إِنَّ اللَّهَ المطلع بمخايل المفسدين لا يَهْدِي الى طريق توحيده الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ المفترين عليه سبحانه بأمثال هذه المفتريات الزائغة

قُلْ يا أكمل الرسل بمقتضى ما أوحينا إليك انا لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ اى في القرآن الجامع لأحكام الكتب السالفة المستحضر لها مُحَرَّماً اى طعاما قد حرمه الله عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ بل أجد كل ما يطعم حلالا مباحا إذ الأصل في الأشياء الحل إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً مات حتف انفه بلا ذكاة أَوْ دَماً مَسْفُوحاً سائلا جاريا مفروزا عن اللحم أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ نجس في نفسه لا يقبل الذكاة أصلا أَوْ ما يذبح من المحللات فِسْقاً وخروجا عن مقتضى الشرع بان أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ حين ذبحه من اسماء الأصنام وغيرها وما سوى هذه المستثنيات المذكورة فهو مباح فَمَنِ اضْطُرَّ ايضا الى تناول تلك المستثنيات حال كونه غَيْرَ باغٍ خارج عن الإسلام ظلما وعدوانا وَلا عادٍ مجاوز عن سد الجوعة فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ لمن تناولها ضرورة رَحِيمٌ لا يؤاخذه عليه بل ان لم يتناول في محل الاضطرار وهلك كان عاصيا البتة لأنه تخريب لبيت الله وابطال لصنعه سيما بعد ما رخص

وَان سألوا عنك يا أكمل الرسل من محرمات الأمم الماضية قل لهم نيابة عنا عَلَى الَّذِينَ هادُوا ونسبوا الى دين اليهود قد حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وحافر يمكن ان يجرح معها وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ قد حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ من الشحم ظُهُورُهُما وهي الثروب وشحوم الكلى أَوِ حملته الْحَوايا يعنى الأمعاء أَوْ مَا اخْتَلَطَ من الشحوم بِعَظْمٍ كالالية ذلِكَ اى تحريم هذه الأشياء إياهم وان كان الأصل في الأشياء الحل والاباحة قد جَزَيْناهُمْ بها بِبَغْيِهِمْ اى بسبب ظلمهم وخروجهم عن مقتضيات حدودنا بلا ورود نص منا وَإِنَّا لَصادِقُونَ في عموم ما أوحينا إليك من الأقوال والاخبار والمواعيد والوعيدات

فَإِنْ كَذَّبُوكَ وعاندوك فيما تلونا عليك من الآيات فَقُلْ لهم امحاضا للنصح على مقتضى مرتبة النبوة رَبُّكُمْ الذي أوجدكم من كتم العدم ورباكم بأنواع اللطف والكرم ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وشفقة كاملة وافرة يمهلكم على ما أنتم عليه ويوسع عليكم على مقتضى لطفه وجماله وَالحال انه لا يُرَدُّ بَأْسُهُ وبطشه على مقتضى غيرته وحميته وجلاله عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ الذين أجرموا على الله بالخروج عن مقتضى أحكامه النازلة على السنة رسله

ثم قال سبحانه على سبيل الاخبار عما سيقع سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا على سبيل التكذيب والإنكار في عموم ما جئت به أنت يا أكمل الرسل لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أنت ترويه عنه وتدعيه بالنسبة إلينا وتعلق ارادته بتوحيدنا إياه ما أَشْرَكْنا البتة مع انه القادر المقتدر على عموم ما أراد بل وَلا أشرك ايضا آباؤُنا من قبل بل ما ظهر وما لاح شيم

<<  <  ج: ص:  >  >>