للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقتضى ايمانكم اطاعة الله واطاعة رسوله أَطِيعُوا اللَّهَ المظهر لكم من كتم العدم المنعم عليكم بأنواع النعم واصناف الكرم وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ الهادي المرشد لكم الى توحيد الحق لكمالات أسمائه وأوصافه وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ بالإعراض عن الله والانصراف عن متابعة رسوله وبالجملة

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا وصرفوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ ماتُوا وَالحال انه هُمْ كُفَّارٌ مصرون معاندون على ما هم عليه طول عمرهم فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ابدا لاشراكهم بالله وخروجهم عن ربقة عبوديته بمتابعة اهويتهم الباطلة وآرائهم الفاسدة وبعد ما أطعتم الله ورسوله ايها المؤمنون واخلصتم في إطاعتكم وانقيادكم ثقوا واعتصموا بحبل توفيقه ونصره

فَلا تَهِنُوا ولا تضعفوا عن الجهاد والمقاتلة وَلا تَدْعُوا ولا تركنوا إِلَى السَّلْمِ والصلح معهم وَبالجملة لا تجبنوا ولا تفتروا أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ الغالبون الأغلبون ايها الموحدون المحمديون إذ الحق يعلو ولا يعلى عليه وكيف لا تتصفون أنتم بصفة العلو والغلبة وَاللَّهُ المحيط بكم مَعَكُمْ لا على وجه المقارنة والاتحاد ولا على سبيل الحلول والامتزاج بل على وجه البروز والظهور ورش النور وامتداد اظلاله عليكم وانعكاسكم منهما وَبعد ما صار الحق معكم على الوجه المذكور لَنْ يَتِرَكُمْ ولن يضيع عليكم أَعْمالَكُمْ التي قد جئتم بها مخلصين طلبا لمرضاة الله وهربا عن مساخطه إذ الموحد المعتدل دائما بين الخوف والرجاء وكيف لا يكون كذلك إذ هو مستو على متن الصراط المستقيم الموضوع بالوضع الإلهي المبنى على العدالة الذاتية الإلهية التي هي أدق وارق من كل دقيق ورقيق. وبعد ما قد سمعت صفة صراط ربك يا أكمل الرسل فاعلم ان موانع العبور عنه والاستقامة عليه ليس الا الدنيا ومزخرفاتها

إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا اى ما اللذة المستعارة فيها الا لَعِبٌ يلعب بها أبناء بقعة الإمكان وهم غافلون عن حقيقتها وَلَهْوٌ يلهى ويحير قلوبهم في تيه الغفلة والضلال وهم تائهون فيه ساهون ذاهلون عما ظهر وترتب عليها وَبعد ما سمعتم ايها المكلفون نبذا من أوصاف دنياكم إِنْ تُؤْمِنُوا بوحدة الحق وبكمالات أسمائه وصفاته الظاهرة آثارها على هياكل الهويات المستحدثة في الكائنات وتتوكلوا عليه مفوضين أموركم كلها اليه وتتخذوه وكيلا وتأخذوه كفيلا وتعتصموا بحبل توفيقه ثقة عليه واعتمادا له وَتَتَّقُوا يعنى وان تحفظوا نفوسكم من الميل الى ما سوى الحق من الأماني العاطلة الامكانية والآمال العائقة الدنية الدنياوية المثمرة لغضب الحق بمقتضى قدرته الجليلة يُؤْتِكُمْ حسب ارادته الجميلة أُجُورَكُمْ التي استوجبتم أنتم بصوالح أعمالكم ويزد عليكم من لدنه سبحانه تفضلا وإحسانا ما لا مزيد عليه من اللذات الروحانية وَمع ذلك العطية العظيمة والكرامة الكريمة الكبيرة لا يَسْئَلْكُمْ ولا يطلب منكم بمقابلة ما أفاض عليكم من الكرامات أَمْوالَكُمْ اى جميعها بل مقدار ما يزكى بها نفوسكم ويطيب قلوبكم من الشح المفرط والميل المتبالغ الى الدنيا ومزخرفاتها كي تتصفوا بالجود والكرم الذي هو من الأخلاق الإلهية المأمور لكم التخلق بها فكيف

إِنْ يَسْئَلْكُمُوها ويطلب منكم سبحانه جميعها فَيُحْفِكُمْ ويبالغ عليكم في طلب جميع ما اقترفتم تَبْخَلُوا أنتم البتة ولا تعطوها على الله ورسوله بل تضمروا الحقد والإنكار بل وَيُخْرِجْ اى يبرز ويظهر بخلكم وحقدكم هذا أَضْغانَكُمْ وشكائمكم التي أنتم تضمرونها في نفوسكم بالنسبة الى الله ورسوله وبالجملة

ها أَنْتُمْ ايها الحمقى الغافلون عن مقتضى الألوهية والربوبية هؤُلاءِ البخلاء المغرورون بحطام الدنيا الدنية المغمورون في لذاتها وشهواتها الفانية العائقة عن اللذات الاخروية انما تُدْعَوْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>