للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثلا ايضا للذين آمنوا مَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي من كمال نجابتها وكرامتها وطهارة ذيلهما وغاية عصمتها وعفتها قد أَحْصَنَتْ فَرْجَها عن مخالطة الرجال وبالغت في التحصن والتحفظ بحيث قد رضى الله عنها وكرمها وأعطاها ما أعطاها من الارهاصات والكرامات التي قد خلت عنها سائر نساء الدنيا بل رجالها ايضا وبعد ما قد كرمناها كذلك فَنَفَخْنا فِيهِ اى في جوفها من جيب درعها مِنْ رُوحِنا الذي قد كنا نفخنا منه في قالب آدم عليه السلام ومن تلك النفخة قد حبلت بعيسى عليه السلام ولهذا صار عيسى في الصفوة كآدم وظهرت منه عليه السلام معجزات لم تظهر من نبي قط وَبالجملة قد صَدَّقَتْ مريم بِكَلِماتِ رَبِّها اى بعموم كلمات مربيها الذي رباها على كمال العفة والكرامة ومن جملة تلك الكلمات التامة خلق عيسى عليه السلام من ذلك النفخ وَصدقت ايضا بجميع كُتُبِهِ المنزلة من عنده على عموم رسله وَمن كمال مجاهدتها في طريق الحق وإخلاصها في الطاعات والعبادات واتكالها على الله في عموم الملمات وكمال توكلها وتفويضها عليه سبحانه وتسليمها اليه قد كانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ اى من عداد الكمل من ارباب القنوت المنجذبين الى حضرة الرحموت بكمال الخضوع والخشوع وفي هذين التمثيلين تعريض لازواج النبي صلّى الله عليه وسلّم وحث لهن الى حسن المعاشرة ومراعاة الأدب معه صلّى الله عليه وسلّم وكمال المصادقة وتبعيد لهن من النفاق والمراء والمجادلة معه صلّى الله عليه وسلم سيما في امر قد اباحه الله له صلّى الله عليه وسلّم بمقتضى حكمته المتقنة البالغة وانما ضرب سبحانه لهن ووعظهن بأمثال هذه الأمثال لينزجرن بها عما جئن به ولتكون عظة وتذكيرا لسائر المؤمنين المتعظين. جعلنا الله منهم ومن زمرتهم وجملتهم بمنه وجوده

[خاتمة سورة التحريم]

عليك ايها المحمدي المراقب لكمالات الحق النازلة من عالم الغيب الى الشهادة المتفرعة على الأسماء والصفات الذاتية الإلهية ان تترصد في عموم أوقاتك وحالاتك الى ما سيتجدد ويحدث من عالم الخفأ والكمون الى فضاء البروز والظهور ثم منه الى الغيب والبطون بمقتضى التجليات والنشئات الحبية الإلهية فلا بد لك ان تخلى همك وبالك عن مطلق الاشغال الشاغلة لك عن الالتفات والتوجه الى الله والتفرج على عجائب مصنوعاته وغرائب مخترعاته وإياك إياك ان تغفل عنه سبحانه ساعة فإنها تورثك حسرة طويلة وخسرانا عظيما ان كنت من جملة المستيقظين. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب

[سورة الملك]

[فاتحة سورة الملك]

لا يخفى على من انكشف بوحدة الحق وكثرة شئوناته وتجلياته المترتبة على أسمائه وصفاته الفائتة للحصر والإحصار ان سعة مملكة الحق وملكه وملكوته انما هو بمقتضى رقائق أسمائه وصفاته الغير المتناهية المتجلية بها الظاهرة على مرآة العدم فيلوح منها هياكل الأشباح التي لا غاية لها ولا نهاية تحيطها بعضها مترتب على البعض وبعضها مقابل للبعض متصفا بالشهادة والجلاء وبعضها بالغيب والخفأ وبالجملة جميع ذرائر الكائنات مربوط بعضها ببعض برقائق المناسبات ودقائق الارتباطات الواقعة في عالم الأسماء والصفات لذلك اخبر سبحانه في كتابه عن عظمة ملكه وملكوته وعن كثرة

<<  <  ج: ص:  >  >>