للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحج تعظيما لأمره وبيته وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ اى لا تحلوا ايضا قواكم الحيوانية عن الحبس والزجر في الازمنة التي حرم سبحانه إطلاقها فيها لتعظيم بيته وَلَا تبيحوا ايضا لأنفسكم فيها الْهَدْيَ اى التعرض لما اهدى نحو البيت قبل بلوغه الى محله وَايضا لا تتعرضوا الْقَلائِدَ وهي ما يعلم ويقلد من الحيوانات المباحة بقلادة دالة على انه من هدايا بيت الله على ما هو عادة العرب وَعليكم ايضا ان لا تتعرضوا ولا تتقاتلوا مع المؤمنين الموقنين الذين توجهوا نحو الكعبة الحقيقية مريدين ان يخرجوا من بقعة الإمكان سالكين سبيل المجاهدة مجتهدين فيها طالبين الوصول الى كعبة الوحدة وفضاء الوجوب تقربا وتشوقا مع كونهم آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يعنى قاصدين التقرب والتحقق نحو كعبة الذات والوقوف بعرفات الأسماء والصفات إذ لا بد من وقوفها لمن قصد زيارة بيت الله الأعظم بل الركن الأصلي لزيارة بيت الله هو هذا الوقوف عند المنجذبين نحو الحق من طريق المجاهدة المستتبعة للكشف والمشاهدة لأهل العناية واما المنجذبون نحوه بالاستغناء والفناء والاستغراق التام الذي لا يحوم حوله شائبة الكثرة أصلا فهم متمكنون في مقعد صدق عند مليك مقتدر حال كونهم يَبْتَغُونَ ويطلبون هؤلاء الزوار المريدون التحقق بهذه المرتبة العلية والمنزلة السنية فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ بلا وسائل الأعمال والنسك ووسائط الأوامر والنواهي وان كانوا ممتثلين بهما متصفين بمقتضياتهما وَيطلبون ايضا من فضل الله رِضْواناً من جانب الحق وقبولا من قبله فيما يأتونه من الشعائر المكتوبة لهم في الحج الحقيقي والوقوف المعنوي إذ لا وثوق للعبد في سلوكه هذا سوى الرضا منك يا أكرم الأكرمين ويا ارحم الراحمين وَاعلموا انكم ايها المكلفون إِذا حَلَلْتُمْ وأطلقتم قوى حيوانيتكم عن عقال التكاليف المفروضة المقدرة لكم في الحج بخروج أيامها وأوقاتها مع متمماتها فَاصْطادُوا اى ابيحوا على انفسكم اصطياد ما أحل الله لكم واباحه عليكم من صيد البر والبحر وَبعد ما علمتم فوائد الحج ومناسكه وعرفتم عرفاته وميقاته لا يَجْرِمَنَّكُمْ ولا يوقعنكم في الجريمة شَنَآنُ قَوْمٍ بغضهم وحسدهم إياكم وخوفكم منهم الى أَنْ صَدُّوكُمْ وصرفوكم عَنِ التوجه نحو الْمَسْجِدِ الْحَرامِ الذي قد حرمت عنده سجود السوى ٢ والأغيار مطلقا فعليكم ايها القاصدون زيارة الكعبة المعظمة والقبلة المكرمة التي هي عبارة عن بيت الوحدة أَنْ تَعْتَدُوا اى تتمرنوا وتعتادوا على المقاتلة والمقابلة مع الكفار المانعين عن الزيارة من القوى الشهوية والغضبية والمستلذات الوهمية والخيالية وَتَعاوَنُوا وتناصروا عَلَى جنود الْبِرِّ المورث للرجاء وحسن الظن بربكم وَكذا على جنود التَّقْوى المشعر للخوف من قهر الله وغضبه وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ اى الخصلة الذميمة عقلا وشرعا وَالْعُدْوانِ اى التجاوز عن الحدود الشرعية العياذ بالله وَبالجملة اتَّقُوا اللَّهَ المنتقم الغيور ان تجرؤا عليه بنقض عهوده ومجاوزة حدوده إِنَّ اللَّهَ القادر المقتدر على كل ما يشاء ويريد شَدِيدُ الْعِقابِ اليم العذاب على كل من ظلم نفسه بالإثم على الله والعدوان عن مقتضى حدوده. ثم لما كان الأصل في الأشياء الحل والاباحة والحرمة انما عرضت من التكاليف الشرعية بين سبحانه أولا حكم المحللات مطلقا وما يتفرع عليها

ثم عين المحرمات التي استثناها بقوله الا ما يتلى فقال حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ في دينكم الْمَيْتَةُ المائت حتف انفه بلا سبب مزيل لحياته وَالدَّمُ المسفوح السائل بالتذكية او بغيرها وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ النجس الظاهر خباثته عقلا وشرعا وَمن جملة

<<  <  ج: ص:  >  >>