للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيبصر ببصرنا عجائب صنعنا وغرائب مبدعاتنا

وَكما أيدنا حبيبنا بما أيدناه من الإسراء به واراءة عجائب صنعتنا وقدرتنا إياه بان سيرناه من مكة في ساعة وآن الى البيت المقدس ثم منها الى فوق السموات السبع وقد مثلنا له فيها أرواح الأنبياء والأولياء فتكلم معهم ثم منها الى ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله وقد اخبر عنه سبحانه وعن قربه وصوله صلّى الله عليه وسلّم اليه بقوله دنى فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى فسمع كلاما بلا كيف لا من جنس الأصوات والحروف كذلك قد آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تأييدا له وتنفيذا لأمرنا إياه الى ان خصصناه بتكلمنا معه بلا كيف وكرمناه بأنواع الكرامات وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ هاديا لهم يهديهم الى توحيدنا وتقديس ذاتنا عن الأشباه والأنداد مطلقا وامرناهم فيه أَلَّا تَتَّخِذُوا ايها المتحيرون في الخطوب والوقائع مِنْ دُونِي وَكِيلًا وشريكا لي وكفوا تتكلون اليه في أموركم غيرى إذ ليس في الوجود سواي فعليكم ان تتخذونى وكيلا وتفوضوا أموركم كلها الى وتأخذونى كفيلا إذ لا معبود لكم غيرى ولا مرجع لكم سواي

يا ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا بمقتضى جودنا مَعَ نُوحٍ حين استولى الطوفان على وجه الأرض فهلك كل من عليها الا من آمن لنوح وحملناهم معه في السفينة فأنجيناه اصالة ومن معه تبعا له من المؤمنين إِنَّهُ يعنى نوحا قد كانَ عَبْداً شَكُوراً مبالغا في أداء الشكر مواظبا عليه على وجه الخضوع والخشوع فلكم ان تقتفوا اثر اسلافكم الذين هم اصحاب سفينة نوح عليه السّلام وهم مؤمنون مصدقون له فلكم ان تؤمنوا بمن أرسل إليكم لإصلاح أحوالكم وتصدقوا كتابه

وَاعلموا انا قد قَضَيْنا وأوحينا مقسما إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ المنزل عليهم على وجه الإيذان والأعلام تنبيها وتذكيرا والله لَتُفْسِدُنَّ أنتم فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ مرة بمخالفة احكام التورية وقتل شعيا ومرة بقتل يحيى وزكريا وبقصد قتل عيسى عليهم السّلام كل ذلك من أعظم الجرائم عند الله وَمع ذلك لَتَعْلُنَّ ولتستكبرن عتوا وعنادا على الأنبياء استيهانة واستخفافا وسخرية واستهزاء عُلُوًّا كَبِيراً بحيث لا تبالون لهم ولا تعدونهم من العقلاء بل تسفهونهم تارة وتكذبونهم اخرى فاعلموا ايها المسرفون انا ننتقم منكم في النشأة الاولى لكل جريمة صدرت عنكم من الجريمتين العظيمتين

فَإِذا جاءَ وَعْدُ انتقام أُولاهُما اى اولى الجريمتين بَعَثْنا وسلطنا عَلَيْكُمْ حين أردنا الانتقام منكم والأخذ عليها عِباداً لَنا منتقمين عنكم من قبلنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ وشوكة عظيمة وصولة قوية قاهرة وهم إذا دخلوا عليكم فَجاسُوا اى تجسسوا وترددوا لطلبكم خِلالَ الدِّيارِ ووسطها للقتل والاستئصال وَقد كانَ ما ذكر من الانتقام وَعْداً من الله مَفْعُولًا حقا عليه سبحانه إنجازه وإيقاعه وذلك حين استولى بختنصر عليهم فقتل كبارهم وسبى صغارهم ونهب أموالهم وخرب بلدانهم وخرق التورية وخرب الأقصى

ثُمَّ بعد ما ضعفناكم واخذناكم قد رَدَدْنا وأعددنا لَكُمُ الْكَرَّةَ اى الدولة والصولة والغلبة عَلَيْهِمْ اى على أعدائكم وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ عظام وَبَنِينَ معاونين ناصرين وَجَعَلْناكُمْ في الكرة الثانية أَكْثَرَ نَفِيراً من الكرة الاولى واكثر عسكرا وجنودا منها

وبالجملة إِنْ أَحْسَنْتُمْ لبنى نوعكم خالصا لوجه الله وآمنتم بالله لتزكية نفوسكم أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ إذ فوائد الايمان والإحسان انما هي عائدة إليكم وَإِنْ أَسَأْتُمْ لهؤلاء وكفرتم بالله ورسله فَلَها اى وبال اساءتكم ايضا عائد عليها إذ الله في ذاته غنى عن احسان المحسن واساءة

<<  <  ج: ص:  >  >>