للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وضيق في تحميلها عليك مع انا نعلم من ظواهرك وبواطنك انك لا تهمل شيأ من حقوق الله ولا من حقوق عباده ولا يقع منك ظلم وجور على احد من خلق الله لذلك لم نضيق عليك امر النكاح تضييقنا على آحاد المؤمنين وَبالجملة قد كانَ اللَّهُ المراقب لأحوال عباده المصلح لمفاسدهم غَفُوراً يستر ويعفو عنهم بعض ما يعسر عليهم التحرز في رعاية حقوق المؤمنين والمؤمنات رَحِيماً يرحم ويعين عليهم في حفظها ورعايتها حسب طاقتهم ثم لما وسّعنا عليك يا أكمل الرسل امر نكاحك وأبحنا لك ما لم نبح لغيرك فلك الخيار في أزواجك

تُرْجِي اى تؤخر وتترك مضاجعة مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي تلصق وتضم إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ منهن بلا حرج وضيق بل وَمَنِ ابْتَغَيْتَ وطلبت نكاحها مِمَّنْ عَزَلْتَ وطلقت تطليقا ثلاثا او أقل فَلا جُناحَ ولا اثم عَلَيْكَ ان تعيدها الى نكاحك بلا تحليل وتزويج للغير إذ من جملة خواصك تحريم مدخول بها لك على الغير مطلقا ذلِكَ اى تفويض امورهن إليك أَدْنى واقرب أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ إذ نسبتك إليهن حينئذ على السواء بلا ميل منك وترجيح وَالمناسب لهن ان لا يَحْزَنَّ بعد التفويض بل وَلهن ان يَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ إذ لا تتفاوت نسبتك إليهن أصلا لأنك قد جبلت على الخلق العظيم والعدل القويم والصراط المستقيم سيما في حقوق أزواجك المنتسبات إليك كلهن نسبة واحدة وَاللَّهُ المطلع لضمائر عباده يَعْلَمُ ما يجرى فِي قُلُوبِكُمْ وضمائركم ايها المؤمنون من الميل الى بعض النساء دون بعض والنبي صلّى الله عليه وسلّم منزه عن هذا الميل والانحراف وأمثاله وَبالجملة قد كانَ اللَّهُ المراقب لعموم أحوالكم عَلِيماً بما جرى في صدوركم من الميل الى الهوى حَلِيماً ينتقم عنه ولكن لا يعجل. ثم لما خير سبحانه حبيبه صلّى الله عليه وسلّم في امر نسائه وفوض امورهن كلها اليه صلّى الله عليه وسلّم وقد رضين ايضا كلهن بحكمه بلا إباء ومنع أراد سبحانه ان يمنع وينهى حبيبه صلّى الله عليه وسلّم عن تطليقهن وتبديلهن والزيادة عليهن بعد ما بلغن التسعة فقال

لا يَحِلُّ لَكَ يا أكمل الرسل النِّساءُ اى تزوجهن مِنْ بَعْدُ اى بعد ان يتفقن أولئك التسعة على حكمك وأمرك وفوضن امورهن إليك وَلا يحل لك ايضا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ يعنى ان تطلق بعضهن وتبدلهن مِنْ أَزْواجٍ أخر من الاجنبيات وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ يعنى حسن الاجنبيات وبالجملة لا يحل لك التزوج الزائد بعد اليوم كما قد حل لك فيما مضى إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ من الإماء فلا حرج عليك بدخولها وَبالجملة قد كانَ اللَّهُ المطلع على مقادر افعال عباده عَلى كُلِّ شَيْءٍ مما جرى في ملكه وملكوته رَقِيباً يراقبه ويحافظه الى ان يكمل ثم يمنع بمقتضى حكمه المتقنة البالغة. ثم أشار سبحانه الى آداب المؤمنين مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في استيذانهم منه ودخولهم عليه صلّى الله عليه وسلّم وتناولهم الطعام عنده وبين يديه وتكلمهم مع أزواجه صلّى الله عليه وسلّم الى غير ذلك من الآداب فقال

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بالله ورسوله مقتضى ايمانكم رعاية الأدب مع رسولكم صلّى الله عليه وسلّم من قبل بيوته ومحل محارمه ومساكنه عليكم انه لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ بغتة بلا سبق استيذان منكم بل بيوت سائر المسلمين ايضا إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ دعوة إِلى طَعامٍ حاضر عنده صلّى الله عليه وسلّم حال كونكم غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ ولا منتظرين الى وقته وَعليكم ان لا تدخلوا بلا دعوة لكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا وأطعموا فَإِذا طَعِمْتُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>