للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبنى صنفكم ومن غاية شفقته ومرحمته لكم عَزِيزٌ شاق شديد عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عموم ما عَنِتُّمْ اى عنتكم وهلاككم والقاؤكم انفسكم بالتهلكة والتقاؤكم بالمكروه مطلقا واتصافكم به إذ هي من امارات الكفر وعلامات الشرك وعدم الإطاعة والانقياد بأوامر الله ونواهيه مع انه صلّى الله عليه وسلّم حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ اى على ايمانكم وإسلامكم وإصلاح حالكم إذ هو صلّى الله عليه وسلّم بِالْمُؤْمِنِينَ الموحدين المخلصين رَؤُفٌ عطوف مشفق رَحِيمٌ يرحمهم ويرضى عنهم بخروجهم عن ظلمة الكفر بنور الايمان وبالجملة كن أنت يا أكمل الرسل كما قد كنت عليه بمقتضى شفقة النبوة والمروءة والفتوة

فَإِنْ تَوَلَّوْا واعرضوا عنك وانصرفوا عن الايمان بك وبدينك فَقُلْ في نفسك ملتجأ الى ربك مستظهرا منه سبحانه حَسْبِيَ اللَّهُ المراقب علىّ الكافي لعموم مهامى يكفى بي ويكف مؤنة خصومتهم عنى إذ لا إِلهَ يرجع اليه في الوقائع ويلجأ نحوه في الخطوب إِلَّا هُوَ سبحانه عَلَيْهِ لا على غيره إذ لا غير معه في الوجود تَوَكَّلْتُ فلا أرجو ولا أخاف الا منه سبحانه وَكيف لا أتوكل عليه ولا ارجع نحوه إذ هُوَ سبحانه بذاته وبعموم أسمائه وصفاته رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ اى مربى عروش ذرائر الأكوان الكائنة في برزخ الإمكان وهو المستوي عليها بالاستقلال والاحاطة والاستيلاء التام إذ لا شيء سواه. وكل شيء هالك الا وجهه له الحكم واليه ترجعون

[خاتمة سورة البراءة]

عليك ايها الطالب المشمر لسلوك مسلك الفناء كي تصل الى فضاء البقاء شكر الله سعيك وهديك الى غاية مبتغاك ان تقتفى في تشمرك هذا اثر من نبهك عليها وهديك إليها الا وهو النبي الذي اختاره الله لرسالته واصطفاه من بين خليقته لتكميل بريته وأظهره على صورته وخلقه بعموم أخلاقه لذلك اتخذه حبيبا وجعله على سائر الأنبياء اماما ونقيبا وتشبث بأذيال لطفه فعلا وقولا وشيما وخلقا صارفا عنان عزمك الى سرائر ما جاء صلّى الله عليه وسلّم به من عند ربه لإرشاد عباده وكذا ما سمح وجاد صلّى الله عليه وسلّم به من تلقاء نفسه من الرموز والإشارات التي قد استنبطها صلّى الله عليه وسلّم من كلام الله وفاض عليه بوحي الله والهامه لصفاء استعداده الفطري الذي قد صار صلّى الله عليه وسلّم به مرآة لتجليات الحق وشئونه وتطوراته وخليفة لله في ارضه وسمائه وكذا ما التقط واستنبط من فحاوي كلماته وإشاراته صلّى الله عليه وسلّم الأولياء الوارثون منه مقتفون اثره قدس الله أسرارهم وأرواحهم وكذا ما ورد عليهم وخطر في خواطرهم النقاوة وجرى على قرائحهم الوقادة على تفاوت طبقاتهم في طريق التوحيد من المواجيد والملهمات الغيبية المنتشئة من النفحات الإلهية والنفسات الرحمانية الناشئة من التجليات الجمالية والجلالية المتفرعة على الشئون والتطورات الكمالية الذاتية وبالجملة لا بدلك ان تفرغ همك عما سوى الحق مطلقا ولا يتيسر لك هذا الا بمتابعة المحققين المتحققين بمقام الكشف والشهود الواصلين الى مقام المراقبة والحضور مع الله وبالاستفادة منهم ومن ملتقطاتهم ووارداتهم حتى يمكن لك التمكن في مكمن الفناء والتقرر في مقر البقاء وحينئذ يصح لك ان تقول بلسان حالك ومقالك حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم جعلنا الله من عباده المفوضين المتوكلين الذين يتخذون الله وقاية ووكيلا ويعتقدونه حسيبا وكفيلا

<<  <  ج: ص:  >  >>