للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَفُوراً

في حق من اخطأ ونسى ثم ذكر وتاب رَحِيماً عليه يقبل توبته ويغفر زلته. ثم أشار سبحانه الى تأديب كل من الأمم مع نبيه المؤيد من عنده سبحانه بأنواع التأييدات والمعجزات الخارقة للعادات المبعوث إليهم لإرشادهم وتكميلهم وأمرهم بحسن الأدب معهم والمحافظة على خدمتهم وحرمتهم وكيف لا يحسنون الأدب مع الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم إذ كل نبي بالنسبة الى أمته كالأب المشفق العطوف بالنسبة الى ابنه بل هو خير آبائهم يرشدهم الى ما هو أصلح لدينهم الذي هو عبارة عن الحقيقة لهم فلهم ان يكونوا معه في مقام التذلل والانكسار التام والانخفاض المفرط بأضعاف ما وجب عليهم من حقوق الوالد النسبي إذ آثاره تربية الأنبياء مؤبدة مخلدة وآثار تربية هؤلاء متناهية منقطعة وان ترتب على تأديبهم وانخفاضهم معهم من المثوبة الاخروية فإنما هي راجعة ايضا الى تربية نبيهم ولا شك ان نبينا صلّى الله عليهم أفضل الأنبياء واكملهم في التربية والإرشاد فيكون أبوته ايضا أكمل واشفاقه ومرحمته لامته التي هي أفضل الأمم أتم وأوفر لذلك قال سبحانه

النَّبِيُّ يعنى هذا النبي المبعوث الى كافة الأمم المتمم لمكارم الأخلاق ومحاسن الشيم المكمل لمعالم الدين ومراسم المعرفة واليقين أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ وأحق لهم ان يرجحوا جانبه على أنفسهم ويختاروا غبطته مِنْ غبطة أَنْفُسِهِمْ إذ نسبة تربيته الى أشباحهم وأرواحهم كنسبة تربية الأب المشفق المحافظ ابنه عن جميع ما لا يعنيه المراقب له في عموم أحواله ليوصله الى الحياة الابدية والبقاء الأزلي السرمدي ونسبة تربية نفوسهم المدبرة لأبدانهم وان كانت هي ايضا بتوفيق الله واقداره انما هي مقصورة الى حفظ أجسامهم لئلا تنهدم وتنخرم ولا تزول عنها الحياة المستعارة وشتان ما بين النسبتين والتربيتين وَأَزْواجُهُ ايضا أُمَّهاتُهُمْ يعنى بعد ما قد ثبت ان تربيته صلّى الله عليه وسلّم شاملة وأبوته كاملة صارت أزواجه اللاتي في حجوره صلّى الله عليه وسلّم وتحت حضانته أمهات المؤمنين في الدين وجرمتهن أعظم واولى من حرمات أمهاتهم النسبية إذ هن اتباع له صلّى الله عليه وسلّم واهل بيته فيسرى الأدب معه إليهن وهن ايضا في انفسهن من الكاملات اللائقة لانواع الحرمات والمكرمات ومن جملتها لياقتهن بشرف صحبة النبي صلّى الله عليه وسلّم فعليكم ايها المؤمنون ان لا تنكحوا أزواجه ابدا إذ هن أمهاتكم وَبعد ما سمعتم ايها السامعون المؤمنون ان النبي خير آبائكم في الدين وأزواجه فضليات أمهاتكم ايضا فيه وسائر المؤمنات والمؤمنين إخوانكم وأخواتكم في الدين لا تظنوا ان حكم أبوته صلّى الله عليه وسلّم وامومتهن رضى الله عنهن واخوة المؤمنين تسرى في احكام الميراث والعصوبة ايضا بل أُولُوا الْأَرْحامِ وذوو القرابة المنتمون إليكم بالقرابة النسبية على تفاوت طبقاتهم ذكورا كانوا او إناثا بَعْضُهُمْ أَوْلى وأحق شرعا بِبَعْضٍ اى بأخذ الميراث من بعض يعنى هم اصحاب الفروض والعصبات يأخذون متروكات المتوفى عنهم ويحرزونها لقرابتهم النسبية بمقتضى سهامهم المقدرة فِي كِتابِ اللَّهِ المنزل عليكم المطابق لما في حضرة علمه المحيط ولوح قضائه الشامل الجامع مِنْ النبي وأزواجه وأجانب الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ وهم وان كانوا إخوانا وآباء وأمهات في الدين لا يأخذون شيأ من أموالهم ومواريثهم بلا قرابة سببية إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا ايها المؤمنون وتخرجوا أموالكم وصية على الوجه المشروع المستحسن إِلى أَوْلِيائِكُمْ في الدين مع كونهم أجانب لكم مَعْرُوفاً وصية مشروعة مستحسنة عقلا وشرعا غير مؤدية الى احراز التركة وحرمان الورثة وهي التي لا تكون أزيد من ثلث المال قد كانَ ذلِكَ اى إخراج الوصية على الوجه المعروف

<<  <  ج: ص:  >  >>