للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نبي الله ابن اسحق ذبيح الله بن ابراهيم خليل الله قد جدبنا الآن واضطررنا الى ان جئنا لنستقوت من جاه العزيز ثم قال لهم يوسف أنتم بأجمعكم أبناء رجل واحد قالوا نعم ان لأبينا اثنى عشر ابنا عشرة من زوجة واثنان من زوجة اخرى ونحن تلك العشرة وواحد من الاثنين قد هلك في الصحراء والآخر عند أبينا يوانس معه ويدفع به وحشة أخيه إذ هو محبوب له مرغوب عنده وَهُمْ مع طول صحبتهم معه ومجالستهم عنده لَهُ مُنْكِرُونَ بحيث لا يتفطنون ولا يتنبهون فكيف يعرفونه

وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ الخدام باذن العزيز بِجَهازِهِمْ وهيئوا رحالهم وأحمالهم وأرادوا ان يشدوا فدخلوا على العزيز للتوديع قالَ لهم العزيز ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ ليدل على صدقكم ونجابة أصلكم أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وأتمه لكم وأوفره عليكم وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ واحسن المضيفين إياكم

فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ اى بأخيكم فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي بعد اليوم وَلا تَقْرَبُونِ ولا تدخلوا دارى وأنتم حينئذ قوم كاذبون وبعد ما سمعوا منه كلاما موحشا تفرسوا انهم لو لم يأتوا بأخيهم لما كال لهم العزيز ولم ينزلهم فكيف ان يحسن إليهم ويضيفهم

قالُوا له معتذرين ان له أبا شيخا كبيرا ضريرا اسيفا ضعيفا محزونا يتسلى به وبالجملة سَنُراوِدُ ونجتهد مقدار وسعنا وطاقتنا عَنْهُ أَباهُ ونخادع بأنواع الحيل والخداع حتى نأتى به وَإِنَّا لَفاعِلُونَ البتة وجوها من الخدعة لإتيانه ان قبل أبونا

وَبعد ما هيئوا للسفر وأرادوا ان يرحلوا قالَ يوسف عليه السّلام لِفِتْيانِهِ أعوانه وخدامه اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ التي قد أتوا بها وهي الأدم والنعال فِي رِحالِهِمْ على وجه لا يشعرون لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها وقت إِذَا انْقَلَبُوا ورجعوا إِلى أَهْلِهِمْ وبعد رؤيتهم البضاعة ايسوا لَعَلَّهُمْ بعد ذلك يَرْجِعُونَ بأخيهم لو رجعوا

فَلَمَّا رَجَعُوا من مصر إِلى أَبِيهِمْ وحكوا عنده جميع ما قد جرى بينهم وبين العزيز من الحكايات التي مضت ثم طلبه منهم من يصدقهم ويشهد لهم واضطرارهم من الشاهد وأمرهم العزيز بإحضار أخيهم بنيامين ليكون مصدقا لهم ثم بعد ما بسطوا الكلام عند أبيهم قالُوا متفقين يا أَبانا قد مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ بعد اليوم لو لم ترسل معنا بنيامين فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا ليكون مصدقا لنا عند العزيز وبعد تصديقه إيانا نَكْتَلْ لجميعنا وَلم لم ترسل معنا أخانا يا أبانا إِنَّا بجميعنا لَهُ لَحافِظُونَ من لحوق المكروه عليه إذ نحن عصبة ذوو قدرة وقوة

قالَ لهم أبوهم متأسفا متحزنا هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ وأجعلكم وقاية له وكفيلا لحفظه إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ يوسف مِنْ قَبْلُ وبالجملة فَاللَّهُ المراقب على عباده في عموم أحوالهم خَيْرٌ لهم حافِظاً اى من جهة الحصانة والحفظ وَهُوَ في ذاته أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ إذ رحم كل راحم راجع اليه إذ هو رحيم بالذات ورحم غيره؟؟؟ يتشعب من رحمه وبعد ما قد الحوا مع أبيهم واقترحوا له بإرسال أخيهم وتفرسوا منه انه لم يرض بإرساله خرجوا من عنده محزونين

وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ التي قد جاءوا بها وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ التي قد اشتروا بها الكيل رُدَّتْ إِلَيْهِمْ ندموا وتحزنوا ثم رجعوا الى أبيهم شاكين مشتكين قالُوا يا أَبانا انا نجزم بمنع الكيل لو نكر ما نَبْغِي واى شيء نعمل وندبر هذِهِ بِضاعَتُنا قد رُدَّتْ إِلَيْنا على وجه لا نطلع عليها الا الآن وبالجملة قد جزمنا ان لا كيل لنا ان عدنا اليه مرة اخرى بلا إتيان أخينا بل نكون عند العزيز من الكاذبين الصاغرين المهانين وَبالجملة قد نسأل منك يا أبانا من كمال كرمك وجاهك ان ترسل معنا أخانا ليصدقنا عند العزيز

<<  <  ج: ص:  >  >>