للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الدنيا رد الله عليهم زعمهم هذا بقوله

أَفَنَجْعَلُ يعنى أيزعم الكفرة المفسدون المفرطون انا نجعل الْمُسْلِمِينَ المتصفين بالإيمان والأعمال الصالحة المنزهين عن مطلق العصيان ولوازمها كَالْمُجْرِمِينَ الموصوفين بأنواع الجرائم والآثام الخارجة عن مقتضى الاحكام الإلهية الجارية على مقتضى الحكمة والعدالة

ما لَكُمْ وما عرض ولحق بكم ايها العقلاء حتى أخرجكم عن مقتضى العقل الفطري كَيْفَ تَحْكُمُونَ وتدعون مساواة المسيء مع المحسن فكيف يفضله سيما عند العليم الحكيم المتقن في عموم الأفعال بمقتضى القسط والعدل السوى أتحكمون هذا بمقتضى رأيكم الفاسد ايها الضالون

أَمْ لَكُمْ كِتابٌ نازل عليكم من السماء فِيهِ اى في الكتاب المنزل تَدْرُسُونَ وتقرءون هكذا

إِنَّ لَكُمْ فِيهِ اى في الكتاب النازل لَما تَخَيَّرُونَ اى ما تختارونه لأنفسكم وتشتهونه من خير ما تجدون فيه

أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عهود ومواثيق مؤكدة لازمة عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مشتملة متضمنة لهذا إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ به علينا من ان الخير والكرامة لكم عندنا اكثر مما لهم وبالجملة

سَلْهُمْ يا أكمل الرسل وفتش عنهم على سبيل التبكيت والإلزام أَيُّهُمْ بِذلِكَ الحكم زَعِيمٌ قائم متكفل يستدل عليه ويصححه أهو اى الزعيم المستدل واحد منهم

أَمْ لَهُمْ في هذه الدعوى شُرَكاءُ متشاركون في هذا القول والحكم وهم يقلدونهم فان ادعوا شركاء قل لهم نيابة عنا فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ حتى يثبتوا الدعوى ويصححوها إِنْ كانُوا صادِقِينَ في هذه الدعوى وبعد ما بهتوا اذكر لهم يا أكمل الرسل

يَوْمَ يُكْشَفُ الأمور والخطوب عَنْ ساقٍ اى عن أصلها وحقيقتها وتبلى السرائر برمتها وارتفعت حجب الأعيان وسدل الاعتبارات بأسرها وبالجملة ثم لم يبق الا الله الواحد القهار وَيُدْعَوْنَ حينئذ هؤلاء الاظلال الهالكون في تيه الحيرة والضلال إِلَى السُّجُودِ والتذلل على وجه الانكسار لدى الملك الجبار فَلا يَسْتَطِيعُونَ حينئذ لمضى نشأة الاختيار وأوان الاختبار بل قد صاروا

خاشِعَةً ذليلة خاسرة أَبْصارُهُمْ هائمة عقولهم وبالجملة تَرْهَقُهُمْ وتلحقهم ذِلَّةٌ عظيمة محيطة بجميع جوانبهم وَكيف لا يكونون كذلك يومئذ إذ هم قَدْ كانُوا في نشأة الاختبار يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ حينئذ سالِمُونَ متمكنون قادرون عليه فلم يفعلوا عنادا ومكابرة فالآن قد انقضى وقت الاختبار فلا ينفعهم التذلل والانكسار سواء قدروا او لم يقدروا وبعد ما بالغ المنكرون المكذبون في قدح القرآن وطعنه وأصروا على العناد والاستكبار

فَذَرْنِي اى خلنى يا أكمل الرسل وَفوض على امر مَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ يعنى القرآن ولا تتعب نفسك في معارضتهم ومجادلتهم ولا تعجل في أخذهم وانتقامهم فانى انتقم منهم وأكفيك مؤنة شرورهم فاعلم انا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ اى ندنيهم درجة درجة الى أسوأ العذاب بان نهملهم في الدنيا وننعم عليهم ونديم صحتهم ونوفر عليهم اسباب الشقاوة حتى صاروا مغمورين في الكفران والطغيان منهمكين في الضلال والعصيان ثم نبطشهم مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ اى من جهة وطريق لا يفهمون انه جهة الأخذ وطريقه مكرا عليهم وزجرا لهم

وَبالجملة أُمْلِي لَهُمْ وامهلهم كيدا عليهم وهم لا يشعرون إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ محكم لا يفهمه احد ولا يدفعه شيء أينكرون ارشادك وتبليغك إياهم عنادا ومكابرة

أَمْ يدعون انك تَسْئَلُهُمْ أَجْراً جعلا على ارشادك وتكميلك إياهم فَهُمْ حينئذ مِنْ مَغْرَمٍ اى من أجل غرامة مُثْقَلُونَ بحملها فيعرضون عنك ويكذبونك بسببها

أَمْ يدعون الاطلاع على المغيبات ويزعمون انه

<<  <  ج: ص:  >  >>