للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا يفرق ولا يميز بين الكتب والرسل أصلا بل يؤمن لجميع ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ من القرآن والرسول الذي هو محمد عليه السّلام وَكذا ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من التورية والإنجيل المنزلين على موسى وعيسى عليهما السّلام وكذا سائر الكتب والصحف المنزلة من عنده سبحانه على الرسل الماضين لتحققهم في مقام العبودية والتوحيد وهم في هذا الايمان والإذعان خاشِعِينَ خاضعين لِلَّهِ مخلصين له. وعلامة خشوعهم وخضوعهم انهم لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللَّهِ بتبديلها وتحريفها ثَمَناً قَلِيلًا من الرشى مثل أحبار اليهود ومتفقهة هذه الامة في هذا العصر خذلهم الله وهم الذين يحتالون في احكام الشريعة المصطفوية بمقتضى أحلامهم السخيفة وآراءهم الباطلة ويأخذون الرشى لأجل حيلتهم هذه ويسمونها حيلة شرعية مع ان الشرع الشريف انما وضع لرفض المكر والحيلة كأنه قد ظهر ما قال صلّى الله عليه وسلّم الإسلام بدأ غريبا وسيعود كما بدأ أُولئِكَ السعداء الأمناء المخلصون الخاشعون الخاضعون لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ يوفيهم عليهم أجورهم يوم الجزاء من حيث لا يحتسبون ولا يستحقون بها بأعمالهم إِنَّ اللَّهَ المطلع لضمائرهم سَرِيعُ الْحِسابِ يحاسب أعمالهم ويجازيهم عليها سريعا بل يزيد عليهم تفضلا وامتنانا

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بوحدة الحق مقتضى ايمانكم الصبر على متاعب مسالك التوحيد اصْبِرُوا على مشاق التكليفات الواقعة في طريقه وَصابِرُوا اى غالبوا على جنود القوى النفسانية العائقة عن الرياضات القالعة للاهوية الفاسدة وَرابِطُوا قلوبكم الى المشاهدات والمكاشفات الواردة من النسمات الإلهية والنفسات الرحمانية المهبة من قبل يمن عالم اللاهوت حسب جود حضرة الرحموت وَبالجملة اتَّقُوا اللَّهَ عن جميع ما يعوقكم ويشغلكم عن التوجه نحوه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وتفوزون منه بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ربنا افرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين واحشرنا مع الصابرين المرابطين وهب لنا من لدنك رحمة انك ارحم الراحمين

[خاتمة سورة آل عمران]

عليك ايها الموحد المحمدي المترصد لفيضان الكشف واليقين ونزول الاطمئنان والتمكين ان تتصبر على عموم ما جرى عليك من المصيبات والبليات المشعرة للاختبارات الإلهية وابتلاءاته عن رسوخ قدمك في جادة التوحيد وصدق عزيمتك في مسلك الفناء وعلو همتك للتحقق بدار البقاء وتربط قلبك بحقك الذي هو أصلك وحقيقتك مقبلا عليه متوجها اليه مجتنبا عن جميع ما يعوقك عنه من لوازم ماهيتك ولواحق هويتك التي لا حقيقة لها عند التحقيق ولا قرار على ما يترتب عليها وعلى لوازمها إذ هي أعراض متبدلة بل اظلال باطلة واعدام صرفة زائلة عاطلة لا تحقق لها ولآثارها أصلا سوى ان الوجود الحقيقي قد انبسط عليها وأمد إليها بجميع كمالاته فانعكس منه ما انعكس فيتراءى العكوس والاظلال متشعشعة متجددة دائما بمقتضى تجدد تجليات الأوصاف والأسماء الى حيث قد ظن المحجوب الفاقد بصر البصيرة وعين الشهود انها متأصلات في الوجود بل ما هي عند التحقيق إلا تجل واحد منفرد مستمر ازلا وابدا على هذا المنوال. ذقنا بلطفك حلاوة معرفتك وتوحيدك يا أكرم الأكرمين فلك ان تصفى ضميرك عن عموم ما يؤدى الى التقليد والتخمين وتفرغ خاطرك عن جميع ما يوهم التعدد والكثرة حتى انشرح صدرك واتسع قلبك

<<  <  ج: ص:  >  >>