للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوصال

فَالْفارِقاتِ الواصلات الى بقعة الإمكان من قبل الرحمن ليفصلن ويفرقن لساكنيها بين الحق والباطل والحرام والحلال والهداية والضلال الواقعة في سلوك طريق الحق وسبيل توحيده فَرْقاً بينا واضحا ليتنبهوا الى مبدئهم ومعادهم

فَالْمُلْقِياتِ الملقنات لحوامل أثقال الطبيعة والأركان المسجونين في سجن الإمكان المقيدين بسلاسل الزمان وأغلال المكان المتفرعة على أثقال الطبائع والأركان ذِكْراً حسنا من عالم اللاهوت بحيث يجرونه على ألسنتهم لعلهم يتذكرون به مبدأهم الأصلي ويتفطنون منشأهم الحقيقي ليكون لهم ذكرهم هذا

عُذْراً يزيل ويمحو سيئات عالم الناسوت وآثام الإمكان بعد ما تنبهوا به الى عالم اللاهوت وتطرقوا نحوه مهاجرين من بقعة الناسوت أَوْ نُذْراً ينذرهم عن نيران الإمكان وسعير الطرد والخذلان بعد ما تذكروا نعيم عالم اللاهوت وفضاء الجبروت يعنى وبحق هذه المقسمات العظام المكرمات عند الله المنتشآت من لدنه سبحانه حسب حكمته المتقنة البالغة لمصلحة التوحيد والايمان والمعرفة والإيقان

إِنَّما تُوعَدُونَ ايها المكلفون من قبل الحق في يوم العرض والجزاء لَواقِعٌ محقق وقوعه وثبوته بلا ريب وتردد واعلموا انه بعد ما قد وقعت الواقعة الهائلة وقامت القيامة المبدلة

فَإِذَا النُّجُومُ اى الهويات المحسوسة المرئية في عالم الكون والفساد طُمِسَتْ انمحقت وانمحت وغابت وتلاشت عند ظهور شمس الحقيقة

وَإِذَا السَّماءُ اى نظام عالم الكون والفساد فُرِجَتْ صدعت وشقت وانفصمت وتلاشت

وَإِذَا الْجِبالُ الرواسي التي هي أوتاد الأرض وهي في الحقيقة عبارة عن الهياكل المحسوسة في عالم الأشباح نُسِفَتْ قلعت من أماكنها ثم ذريت برياح الفناء

وَإِذَا الرُّسُلُ المبعوثون للإرشاد ولإصلاح العباد وسداد فسادهم أُقِّتَتْ وقتت اى قد عين لهم وقت الشهادة على أممهم بعد ما أبهم عليهم وقتها في النشأة الاولى كأنه قيل لهم من قبل الحق

لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ وأخرت شهادتهم وأجيب ايضا من جانبه سبحانه

لِيَوْمِ الْفَصْلِ

وَما أَدْراكَ وأعلمك يا أكمل الرسل ما يَوْمُ الْفَصْلِ أبهمه سبحانه تهويلا وتعظيما وبالجملة

وَيْلٌ وهلاك مؤبد وزجر مخلد مستمر يَوْمَئِذٍ اى في يوم الفصل لِلْمُكَذِّبِينَ به المنكرين له في النشأة الاولى سيما بعد اخبار الرسل والكتب وكيف يكذبونه وينكرون عليه أولئك الضالون المكذبون مع انهم قد سمعوا حال المكذبين المنكرين الماضين

أَلَمْ نُهْلِكِ المكذبين الْأَوَّلِينَ كقوم عاد وثمود ولم نستأصلهم بسبب انكارهم وتكذيبهم بهذا اليوم الموعود

ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ يعنى نتبع ونعقب إهلاك الأولين باهلاك الآخرين كقوم شعيب وموسى وعيسى عليهم السلام وغيرهم ايضا بسبب تكذيب هذا اليوم وتكذيب من اخبر به من الكتب والرسل وبالجملة

كَذلِكَ اى مثل ما فعلنا بالمكذبين السابقين والآخرين اللاحقين نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ اى بعموم هؤلاء المجرمين الحاضرين المكذبين على رسول الله وآياته النازلة عليه من عند ربه لذلك

وَيْلٌ عظيم يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ وكيف تكذبون ايها المكذبون بما أمرتم بتصديقه من لدنا مع انكم قد عرفتم قدرتنا عليه وعلى أمثاله

أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ ايها المجبولون على النسيان مِنْ ماءٍ مسترذل مَهِينٍ في غاية المهانة والخباثة وبعد نزوله

فَجَعَلْناهُ وصيرناه مستقرا فِي قَرارٍ يعنى مقر الرحم مَكِينٍ متمكن فيه

إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ وأجل معين قدره الله العليم الحكيم للولادة وتسوية الخلق والخروج الى عالم الشهادة وبالجملة

فَقَدَرْنا على خلقكم وايجادكم من النطفة المهينة المكينة في ظلمة الرحم وعلى إخراجكم واظهاركم منها الى

<<  <  ج: ص:  >  >>