للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى تَفِيءَ وترجع إِلى أَمْرِ اللَّهِ العادل الحكيم وترضى بحكمه المترتب على محض القسط والعدالة فَإِنْ فاءَتْ ورجعت عن بغيها وطغيانها فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بعد ما وقع ما وقع بِالْعَدْلِ المنبئ عن الحكمة ورعاية القسط بين الجانبين وَبالجملة أَقْسِطُوا واعدلوا ايها المؤمنون في عموم أحوالكم واحكامكم إِنَّ اللَّهَ المستوي على العدل القويم يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ من عباده وكيف لا تصلحون بينهما ايها المؤمنون المصلحون

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الموقنون بوحدة الحق المصدقون لرسوله المبين لطريق توحيده إِخْوَةٌ في الدين القويم فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ بمقتضى العدل والإنصاف وَاتَّقُوا اللَّهَ المنتقم الغيور في إصلاحكم هذا عن الميل والانحراف لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ لأجل عدالتكم وتقواكم

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مقتضى ايمانكم ترك المراء والاستهزاء من بنى نوعكم وإخوانكم بحيث لا يَسْخَرْ قَوْمٌ منكم ايها الرجال القوامون المقيمون لحدود الله مِنْ قَوْمٍ أمثالكم في القيام والتقويم اى لا يسخر أقوياؤكم ورساؤكم من أراذلكم وضعفائكم عَسى أَنْ يَكُونُوا اى المسخور بهم المرذولون خَيْراً مِنْهُمْ اى من الرؤساء الساخرين عند الله وَكذا لا يسخر منكم نِساءٌ عاليات متعززات مِنْ نِساءٍ سافلات مستضعفات عَسى أَنْ يَكُنَّ اى المستضعفات خَيْراً مِنْهُنَّ اى من العاليات الساخرات عند الله وكن اقرب الى رحمته منهن وَلا تَلْمِزُوا ايها المؤمنون ولا تعيبوا أَنْفُسَكُمْ اى بعضكم بعضا إذ المؤمنون كنفس واحدة فما لحق لهم وعليهم انما لحق بهم وعليهم جميعا وَعليكم ايضا ان لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ اى لا يدع بعضكم بعضا باللقب السوء الدال على القبح والذم فان النبز انما يستعمل في اللقب السوء وبالجملة انما نهيتم ايها المؤمنون عن عموم ما نهيتم عنه لأنه من جملة الفسوق والعصيان المستلزمين لانواع الخيبة والحرمان المسقطين للمروة والعدالة المترتبة على الحكمة الإلهية وبالجملة بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ المنبئ عن الخروج والانحراف عن صراط الحق سيما بَعْدَ الْإِيمانِ اى بعد الاتصاف بالإيمان المبنى على كمال الاعتدال وَبالجملة مَنْ لَمْ يَتُبْ ولم يرجع الى الله بعد ما صدر عنه أمثال هذه الجرائم المذكورة هفوة فَأُولئِكَ البعداء المصرون على الغواية والطغيان هُمُ الظَّالِمُونَ المقصورون على الخروج عن مقتضى الحدود الإلهية

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مقتضى ايمانكم بالله متابعة اليقين في عموم الأحوال والمقامات وترك الظنون والجهالات في جميع الحالات الا ظن الخير بالله وبخلص عباده من الأنبياء والأولياء المستبعدين بمراحل عن التهمة والتعزير اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ المورث لكم المجادلة والمراء مع الله ورسوله وعموم المؤمنين وبالجملة إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ ألا وهو الملقى إليكم من قبل الشيطان المزور المغوى إِثْمٌ خروج وفسوق عن مقتضى الحدود الإلهية وَايضا لا تَجَسَّسُوا اى من جملة أخلاقكم المحمودة ترك التجسس والتفحص سيما عن جلائل بنى نوعكم مطلقا فعليكم ان لا تبحثوا عن عورات المؤمنين وغيرهم سيما بما يوجب هتك حرماتهن من المفتريات الباطلة الشنيعة وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً اى من جملة أخلاقكم المحمودة ايها المؤمنون القاصدون لسلوك طريق التوحيد بل من أجلها ترك الغيبة وهي ان يذكر بعضكم بعضا منكم في غيبته بشيء لو كان حاضرا عندكم ليشق عليه ويكرهه البتة وسئل عليه السلام عن الغيبة فقال ان تذكر أخاك بما يكرهه فان كان فيه فقد اغتبته وان لم يكن فقد بهتّه وكلاهما خارجان عن اعتدال اهل الأيمان ثم أكد سبحانه هذا النهى على وجه

<<  <  ج: ص:  >  >>