للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة ق]

[فاتحة سورة ق]

لا يخفى على من تنور قلبه بأنوار الوحدة الذاتية المتشعشعة من مشكاة النبوة والولاية المترتبتين على نشأة الإنسان المصور بصورة الرحمن إذ أكمل المظاهر وأوليها لقبول التجليات الإلهية وأحراها لرتبة الخلافة والنيابة عنه سبحانه وأليقها للتخلق بأخلاق الحق هو الإنسان الكامل القابل لانعكاس اشعة شمس الذات الاحدية المستهلك دونها عموم الكثرات والإضافات فظهر ان لا مظهر اجمع من الإنسان وأكمل منه واشرف هذا النوع وأكمله وأتمه علما وعينا كشفا وشهودا هو نبينا صلوات الله وسلامه عليه فمن تعجب عن رسالته وخلافته صلّى الله عليه وسلّم عتوا وأنكر إرشاده وهدايته لبنى نوعه عنادا وإنزال الله الوحى اليه مكابرة فقد ضل وغوى ولم يهتد الى ما هو الرشد والهدى لذلك انزل سبحانه على حبيبه صلّى الله عليه وسلّم ما انزل وخاطبه بما خاطب واقسم بما اقسم تأكيدا ومبالغة لإثبات هدايته وإرشاده صلّى الله عليه وسلّم وكمال لياقته لخلافة الحق ونيابته فقال بعد ما تيمن بِسْمِ اللَّهِ المرسل للرسل المنزل للكتب لتبيين طريق توحيده الرَّحْمنِ بعموم عباده يدعوهم الى دار السلام الرَّحِيمِ لخواصهم يوصلهم الى أعلى المقامات بأنواع الانعام والإكرام

[الآيات]

ق ايها الإنسان الكامل القابل لخلعة الخلافة والنيابة الإلهية القيم القائم لتبليغ الوحى والإلهام المنزل عليه من عنده سبحانه على عموم الأنام القائد لهم الى توحيد الملك العلام القدوس السلام ذي القدرة والقوة الكاملة الشاملة على عموم الانعام والانتقام وَحق الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ العظيم المنزل من المجيد العظيم انك يا أكمل الرسل لمرسل الى كافة الخلق من الحق على الحق لتبيين طريق الحق وتوحيده. ولما لم يجد المنكرون الجاحدون لعلو شأنك فيك يا أكمل الرسل شيأ وشينا يبعثهم ويدعوهم الى إنكارك وتكذيبك صريحا اضطروا الى العناد والمكابرة

بَلْ عَجِبُوا على سبيل الاستبعاد والاستنكار أولئك الحمقى الجاهلون الجاحدون أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ اى بان بعث إليهم رسول من جنسهم وبنى نوعهم ينذرهم عن اهوال يوم القيامة وافزاعها مع انهم منكرون للحشر وإرسال البشر جميعا فَقالَ الْكافِرُونَ المستكبرون بعد ما سمعوا منك الدعوة والإنذار من شدة انكارهم واستبعادهم هذا اى إرسال البشر الى البشر والإنذار من الحشر المحال كل منهما شَيْءٌ عَجِيبٌ وامر بديع ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ثم فصلوا ما اجملوا على سبيل التعجب والإنكار فقالوا فيما بينهم مستفهمين مستبعدين

أَإِذا مِتْنا اى أنرجع ونعود احياء كما كنا إذا متنا وَكُنَّا تُراباً وهباء منبثا ذلِكَ العود والرجوع رَجْعٌ بَعِيدٌ عن الوقوع وقبول العقول. ثم قال سبحانه ردا عليهم وردعا لهم كيف تستبعدون وتنكرون عنا قدرتنا على بعث الموتى واعادتهم احياء كما كانوا مع انا

قَدْ عَلِمْنا على وجه التفصيل والتحقيق ما تَنْقُصُ تأكل الْأَرْضُ مِنْهُمْ اى من اجزائهم وعظامهم واوصالهم وكيف لا نعلم وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ حاصر لتفصيل عموم الأشياء حافظ لها ألا وهو حضرة علمنا الحضوري ولوح قضائنا المحفوظ المصون عن عدم الضبط والشذوذ

بَلْ هم من غاية عمههم وسكرتهم ونهاية غيهم وغفلتهم كَذَّبُوا بِالْحَقِّ المطابق للواقع المؤيد بالبرهان الساطع والدليل القاطع وهو نبوة محمد صلّى الله عليه وسلم لَمَّا جاءَهُمْ وحين بعث إليهم من الحق بالحق على الحق لتبيينه وتمييزه عن الباطل لذلك أنكروا

<<  <  ج: ص:  >  >>