للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الذي تدخرونه او تؤخرونه الى حين الوصية وقت حلول الأجل المقدر وَبالجملة قد جرى عليكم

في سالف ازمانكم ما جرى من ترك الاستغفار والانابة وعدم الندامة على ما صدر عنكم من البغي والضلال واصناف الجرائم والمعاصي المستتبعة لانواع العذاب والنكال اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ المتفضل المكرم لعموم ما صدر عنكم واشتغلوا بامتثال أوامره في بقية اعماركم تلافيا لما مضى إِنَّ اللَّهَ المطلع على انابتكم ورجوعكم وعلى نياتكم فيها غَفُورٌ يغفر زلتكم السابقة الماضية ايضا رَحِيمٌ يقبل منكم توبتكم اللاحقة لها التي تأتون بها الآن بمنه وجوده

[خاتمة سورة المزمل]

عليك ايها السالك المجاهد لسلوك طريق التوحيد والقاصد المجتهد نحو مقصد الفناء ان تبذل وسعك وطاقتك بل روحك ومهجتك في سبيله فعليك ان تجهد فيه ببدنك ومالك وبجميع احوالك واطوارك وعليك ان تصفى ظاهرك وباطنك وتخلى قلبك وسرك عن شوب مطلق الشواغل العائقة عن التوجه التام والالتفات الخالص والعزيمة الصادقة الصافية وان تلازم العزلة وتداوم الخلوة وتواظب على الاتصاف بالاطوار والأخلاق الموروثة لك من النبي المختار والمأثورة عنه من الآثار وعلى امتثال ما في كتاب الله من الأوامر والنواهي وعموم الاحكام الموردة فيه لتصفية الخاطر عن الميل الى ما سوى الحق من الأغيار الساقطة عن درجة الاعتبار لتكون أنت من الأبرار الأخيار الموسومين بأولى العبرة والأبصار كي تفوز أنت كما فازوا من الرموز والأسرار وإياك إياك ومصاحبة الأشرار المغترين بلذات زخرف الدنيا الغدارة وبشهوات عيش الحياة المستعارة المستلزمة لانواع الخسار والبوار. جعلنا الله الغفور الغفار من ذوى العبرة والاستبصار بفضله وطوله

[سورة المدثر]

[فاتحة سورة المدثر]

لا يخفى على ارباب الكشف والشهود من المتجردين عن جلباب عالم الناسوت الرافلين في حلل عالم اللاهوت انه من خرج عن بقعة الإمكان مهاجرا الى الله بعد ما جذبته العناية والتوفيق من جانبه سبحانه فحين خروجه وتفرقه عن مألوفات عالم الطبيعة وظهور طلائع سلطان الوحدة الذاتية واستيلائه بنظر شهوده قد تطرأ عليه حينئذ حالات عجيبة وصور بديعة الى حيث ارعدته وأزعجته الى الفرار والالتجاء نحو مألوفات الطبيعة والى التغطى بملابسها وملاحفها فصار فيها مترددا متلونا قلقا حائرا هائما الى ان تمكن في فطرة الوحدة وتمرن عليها بلا خوف ورعدة ان أدركته العناية الإلهية وشملته الجذبة الاحدية هكذا جرى على نبينا صلّى الله عليه وسلّم في أوائل شهوده وانكشافه إذ كان هو صلّى الله عليه وسلّم يوما من الأيام متوجها بحراء الفناء ومتخلصا عن لوازم عالم الناسوت بالمرة حتى ظهرت ولاحت عليه في تلك الحالة علامات عالم اللاهوت من وراء سرادقات عالم الجبروت فنودي حينئذ من قبل فناء الفناء ومن وراء عالم العماء نداء عجيبا وسمع صداء غريبا مهيبا بحيث لم يسمع مثله سمع سره صلّى الله عليه وسلّم قط وقد كان صلى الله عليه وسلّم حينئذ في عالم التلون فنظر بعين شهوده يمنة ويسرة فلم ير شيأ فنظر نحو ذلك العالم فرأى ما رأى وانكشف بما انكشف فرعب رعبا شديدا وارتعد ارتعادا غريبا. ثم رجع هاربا مرعوبا مغلوبا قلقا حائرا هائما حتى وصل الى خديجة الطبيعة وتكلم معها بكلمة دثّرينى بملابسك وجلبابك فدثرته الطبيعة مرة اخرى

<<  <  ج: ص:  >  >>