للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول في حقه الظالمون علوا كبيرا او المعنى ثم بعد ما جلستم عنده صلّى الله عليه وسلّم على الوجه وتكلمتم معه على طريق الإنصاف تتفكروا وتتأملوا هل تجدونه صلّى الله عليه وسلّم معروضا للخبط والجنون أم للأمر السماوي الباعث له صلّى الله على اظهار أمثال هذه الحكم والاحكام والعبر والأمثال التي قد عجزت دونها فحول العقلاء وجماهير الفصحاء والبلغاء البالغين أقصى نهاية الإدراك مع وفور دواعيهم بمعارضتها والتحدي معها بل إِنْ هُوَ وما هذا الرسول المرسل إليكم المؤيد بالبراهين الواضحة والمعجزات اللائحة المثبتة لرسالته إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ من قبل الحق بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ يعنى قبيل وقدام يوم القيامة المعدة لانواع العذاب والنكال على عصاة العباد وان اتهموك يا أكمل الرسل بأخذ الأجر والجعل على أداء الرسالة وتبليغ الاحكام بل قد حصروا ادعاك الرسالة ودعوتك على هذا فقط

قُلْ لهم على سبيل الإسكات والإلزام ما سَأَلْتُكُمْ عنكم شيأ من الجعل أصلا وان فرض انى سألت منكم شيأ فاعلموا ان ما سألتكم مِنْ أَجْرٍ على إرشادكم وتكميلكم فَهُوَ لَكُمْ اى هو هبة موهوبة لكم من قبلي مردودة عليكم منى وبالجملة إِنْ أَجْرِيَ وما جعلى على تحمل هذه المشاق والمتاعب الواردة على في تبليغ الرسالة واظهار الدعوة إِلَّا عَلَى اللَّهِ الذي قد أرسلني بالحق وبعثني بالصدق على الصدق وهو المراقب المطلع على عموم أحوالي الحكيم المتقن بافاضة ما ينبغي ويليق بشأنى وحالي وَكيف لا يطلع سبحانه على احوال عباده إذ هُوَ بذاته عَلى كُلِّ شَيْءٍ ظهر من الموجودات ولاح عليه لمعة الوجود وبروق التجليات شَهِيدٌ حاضر دونه غير بعيد عنه ومغيب عليه

قُلْ يا أكمل الرسل بعد ما قد تمادى مراء اهل الضلال وتطاول جدالهم لا أبالي باستهدائكم واسترشادكم ولا أبالغ في تكميلكم ورشادكم بل إِنَّ رَبِّي العليم باستعدادات عباده الحكيم بافاضة الايمان والعرفان على من أراد هدايته وإرشاده يَقْذِفُ بِالْحَقِّ اى يلقيه وينزل على قلوب عباده الذين قد جبلهم على فطرة الإسلام واستعدادات التوحيد والعرفان إذ هو سبحانه عَلَّامُ الْغُيُوبِ يعلم استعدادات عموم عباده وقابلياتهم على قبول الحق ويميزهم عن اهل الزيغ والضلال المجبولين على الغواية الفطرية والجهل

قُلْ يا أكمل الرسل بعد ما قد بينت لهم طريق الحق كلاما ناشئا عن محض الحكمة خاليا عن وصمة الكذب مطلقا قد جاءَ الْحَقُّ الحقيق بالاتباع وظهر الإسلام الجدير للاطاعة والتسليم فلكم ان تغتنموا الفرصة وتنقادوا له مخلصين وَنبههم يا أكمل الرسل ايضا انه بعد ما قد ظهر نور الإسلام وعلا قدره وارتفع شأنه ما يُبْدِئُ الْباطِلُ الذي قد زهق واضمحل ظلمته بنور الإسلام وغار مناره في مهاوي الجهل واغوار النسيان أصلا وَقد صار بحيث ما يُعِيدُ ابدا في حين من الأحيان فسبحان من اظهر نور الإسلام ورفع اعلامه وقمع الكفر واخفض اصنامه. ثم لما طعن المشركون على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعيروه بانك قد تركت دين آبائك واخترعت دينا من تلقاء نفسك فقد ضللت باختيارك هذا وبتركك ذاك عن منهج الرشد وسبيل السداد رد الله سبحانه عليهم قولهم هذا وتعييرهم آمرا للنبي على وجه الامتنان

قُلْ لهم يا أكمل الرسل بعد ما قد عيروك وطعنوا في شأنك ودينك إِنْ ضَلَلْتُ انا وانحرفت عن سبيل السلامة وجادة الاستقامة فَإِنَّما أَضِلُّ وانحرف عَلى نَفْسِي بمقتضى اهويتها ومشتهياتها وبشؤم لذاتها وشهواتها وَإِنِ اهْتَدَيْتُ الى التوحيد والعرفان ونلت الى اسباب درجات الجنان فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي بسبب وحيه والهامه على

<<  <  ج: ص:  >  >>