للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليجتهد في العفة وتسكين الشهوة الفقراء الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً اى أسبابه وصداقه وليصبروا لمشاق العزوبة حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ المصلح لأحوالهم مِنْ فَضْلِهِ وسعة جوده فيجدوا ما يتزوجون. ثم أشار سبحانه الى الموالي وتحريرهم وتخليصهم من ربقة الرقية وعروة العبودية المقتضية لانواع المذلة والهوان طلبا لمرضاة الله وعتقا من عذابه فقال وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ اى العبيد الذين يطلبون الْكِتابَ اى الكتابة المتضمنة لعتقهم وخلاصهم عن الرق بعد ما أدوا المبلغ المعهود الذي يكاتب عليهم وهم مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ايها الموالي سواء كانوا عبيدا او إماء قنا او مدبرا او مستولدة ويطلبون منكم ان تعتقوهم عن مال تكتبون لهم ليؤدوا إليكم منجما وبعد ما أدوا ما تكتبون لهم صاروا أحرارا معتقين فَكاتِبُوهُمْ ايها المالكون واعتقوهم على جعل إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً اى ان علمتم وتفرستم منهم بعد ما فككتم رقابهم يكونون صلحاء أمناء مؤمنين بحيث لا يرجى منهم الشر والفساد وَبعد ما عقدتم الكتابة معهم آتُوهُمْ ايها المسلمون مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ من فضله تفكيكا لرقابهم عن مذلة الرق وهوان العبودية. ثم أشار سبحانه الى حسن المعاشرة مع المماليك ورعاية غبطتهم ومحافظة الحدود منهم بحيث لا يكرهونهم ولا يعرضونهم ظلما وعدوانا الى ما لا يصح ولا يصلح لهم شرعا وعادة بل عقلا ومروءة سيما إذا استحصنوا واستحفظوا صيانة فقال على سبيل المبالغة في النهى وَلا تُكْرِهُوا ايها الملاك المسلمون فَتَياتِكُمْ وشواب جواريكم عَلَى الْبِغاءِ والزنا مطلقا سيما إِنْ أَرَدْنَ بأنفسهن تَحَصُّناً وتحفظا عن البغي مع قلة عقلهن ورشدهن فأنتم ايها الولاة أحق بحفظهن وحصنهن مما لا يرتضيه العقل والشرع والمروءة وبالجملة لا تنصرفوا ولا تعدلوا ايها الولاة الملاك عن مقتضى العقل والشرع لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وتطلبوا متاعها الفانية وحطامها الدنية الزائلة وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ سيما بعد نزول الزاجر فَإِنَّ اللَّهَ المنتقم لعصاة عباده سيما الظالم الخارج عن حدوده مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ يعنى من اكراه الملاك اياهن غَفُورٌ يغفر لهن رَحِيمٌ يرحم عليهن ان كن مخلصات في التحصن والتحفظ ويعاقب على المكرهين الظالمين أشد العقاب ويعذبهم أسوأ العذاب

وَكيف لا يعاقبكم ايها المسرفون المصرون على الفسوق والعصيان مع انا لَقَدْ أَنْزَلْنا من مقام فضلنا وجودنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ واضحات فيها ما هو صلاحكم ونجاتكم وَاوضحناها لكم بان او ردنا فيها مَثَلًا مِنَ احوال الظلمة الغواة الطغاة العداة الَّذِينَ خَلَوْا مضوا مِنْ قَبْلِكُمْ لتعتبروا أنتم مما جرى عليهم من سوء صنيعهم وَلتكون قصصهم وأمثالهم مَوْعِظَةً وتذكيرا لِلْمُتَّقِينَ منكم المحترزين من بطشنا وانتقامنا ومع ذلك لم تعتبروا ولم تنزجروا حتى لا تستحقوا أشد العذاب وأسوأ العقاب أمثالهم

وكيف لا تنزجرون عن قهر الله ايها الغافلون ولا تخافون عن بطشه وانتقامه ايها الضالون المفسدون المفرطون اما تستحيون منه سبحانه سيما مع حضوره وشهوده في عموم الأماكن والأحيان وظهور نوره في جميع الأنفس والآفاق غيبا وشهادة ظاهرا وباطنا ازلا وابدا أولا وآخرا صورة ومعنى وكيف تتركون حدوده وتخرجون عن مقتضى أوامره ونواهيه الموردة في كتبه المنزلة على رسله ايها الجاهلون المسرفون المفسدون المفرطون إذ هو اللَّهُ المتجلى بأسمائه الحسنى وأوصافه العظمى نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى الظاهر فيهما ومنهما ومظهرهما وكذا موجد ما ظهر بينهما وفيهما وعليهما جميعا من كتم العدم بلا سبق مادة

<<  <  ج: ص:  >  >>