للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وامارات الساعة وأشراطها وإنزال القرآن المشتمل على الرطب واليابس الحادثين في العالمين الجاريين في النشأتين

وَكما اختلف اهل الكتاب في عدد الفتية اختلفوا ايضا في مدة لبثهم في النار راقدين نائمين قال بعضهم قد لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ بالسنة الشمسية على ما هو المشهور وَبعضهم قد ازْدَادُوا عليها تِسْعاً من تلك السنة ايضا وان كان المراد بالسنة الاولى شمسية والثانية قمرية كان كلا القولين واحدا موافقا لان التفاوت بينهما في كل مائة سنة ثلاث سنين فيكون الزيادة في ثلاث مائة تسع سنين قمرية

قُلِ يا أكمل الرسل بعد ما لم يوجد شيء يوثق به ويعتمد عليه في تعيين مدة لبثهم في الغار سوى التخمين والحسبان اللَّهُ المطلع لجميع السرائر والخفايا أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا اى بمدة لبثهم في كهفهم راقدين إذ لَهُ سبحانه لا لغيره من مظاهره واظلاله غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى الاطلاع على المغيبات الواقعة في العلويات والسفليات اطلاعا حضوريا شهوديا بحيث لا يجرى في مبصراته ومسموعاته سبحانه من كمال انكشافه وانجلائه عنده ان يقال له أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ كما يجرى في مبصراتنا ومسموعاتنا لاستغنائه وتنزهه سبحانه عن الالتفات والإصغاء بل عموم المغيبات والمحسوسات في جنب حضوره وحضرة علمه على السواء بلا تفاوت أصلا. ثم قال سبحانه ما لَهُمْ اى لأهل السموات والأرض مِنْ دُونِهِ اى من دون الله المراقب مِنْ وَلِيٍّ يتوليهم ويلي أمورهم إذ هو سبحانه مستقل بالوجود والتصرف في ملكه وملكوته بلا مظاهرة احد ومعاونته وَلا يُشْرِكُ بمقتضى تعززه وكبريائه وسطوته واستيلائه فِي حُكْمِهِ السابق في قضائه اجمالا واللاحق في قدره تفصيلا أَحَداً من مظاهره ومصنوعاته بل له الإيجاد والاعدام والأحياء والاماتة والتخليق والترزيق وجميع ما ظهر من الآثار المترتبة على الأوصاف والأسماء الذاتية الإلهية وكذا جميع ما حدث من الحوادث الجارية الكائنة في الأنفس والآفاق كلها مستندة اليه تعالى أولا وبالذات بلا تخلل الوسائل والوسائط العادية الناشئة من الأوهام والخيالات الباطلة بالنسبة الى اولى الأحلام السخيفة وذوى الحجب الكثيفة المنافية لرؤية الحق وانجلائه في المظاهر كلها واما ارباب الوصول والشهود وهم الذين قد رتقوا حجب الخيالات وسدل الأوهام والعادات فلا يرون في الوجود سواه ولا اله عندهم في الشهود الا هو لذلك لم يسندوا شيأ من الحوادث الكائنة بمقتضى التجليات والشئون الإلهية الا له سبحانه إذ ليس وراء الله عندهم مرمى ومنتهى

وَإذا كان مفاتيح جميع المغيبات ومقاليد عموم العلوم والإدراكات وكذا جميع ما في العالم من المحسوسات والمشاهدات كلها مستندة اليه سبحانه اصالة ناشئة من لدنه حقيقة اتْلُ يا أكمل الرسل على من تبعك من المؤمنين ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ على الوجه الذي انزل إليك بلا تبديل ولا تحريف إذ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ ولا متصرف في كلامه سواه ولا تسمع قول المشركين ائت بقرآن غير هذا او بدله إذ لا يسع لاحد ان يبدله ويحرفه وَان هممت أنت الى تبديله من تلقاء نفسك لَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ سبحانه مُلْتَحَداً ملاذا وملجأ تلتجئ اليه عند نزول عذاب الله وحلول غضبه وانتقامه على تبديلك وتغييرك كلامه ثم لما طلب صناديد القريش من رسول الله صلى الله عليه وسلّم ابعاد فقراء المؤمنين وطردهم عن مجلسه مثل ابن أم مكتوم وابى ذر وسائر فقراء أصحابه لرثاثة حالهم وشمول الفاقة عليهم ليصاحبوه صلّى الله عليه وسلّم ويجالسوا معه فهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على إنجاح ما أرادوا حيث امر صلّى الله عليه وسلّم بالفقراء ان لا يحضروا

<<  <  ج: ص:  >  >>