للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسالتك حق التبليغ فَإِنَّما عَلَيْهِ اى فاعلم ان ما على الرسول المرسل الا جزاء ما حُمِّلَ من التبليغ واظهار الدعوة وتبيين الرسالة وَعَلَيْكُمْ ايها المكلفون السامعون جزاء ما حُمِّلْتُمْ من الامتثال والانقياد وَاعلموا ايها الأحرار المتوجهون نحو الحق إِنْ تُطِيعُوهُ اى الرسول وتصدقوا قوله وتعملوا بمقتضى ما أمرناكم به على لسانه تَهْتَدُوا الى معرفة ربكم وتفوزوا بتوحيده وَان لم تطيعوا له وتنقادوا لحكمه ولم تقبلوا منه دعوته ولم تهتدوا الى ما جبلتم لأجله فبالجملة ما عَلَى الرَّسُولِ المأمور بالدعوة والتبليغ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ الظاهر الواضح لئلا يشتبه عليكم امر الدين فان امتثلتم بما سمعتم منه قد فزتم وان توليتم وانصرفتم فعليكم الوزر والوبال

واعلموا يقينا قد وَعَدَ اللَّهُ المحسن المفضل لعباده بأنواع الفضل والعطاء سيما الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ايها الناس بوحدة الله وصفاته وإرسال الرسل وإنزال الكتب وبالبعث بعد الموت وكذا لجميع الأمور الاخروية وَمع الايمان والإذعان بالمأمورات المذكورة قد عَمِلُوا الصَّالِحاتِ المقبولة عند الله المرضية دونه حسب ما أوحاه على رسوله وأنزله في كتابه وقد اقسم سبحانه بنفسه تأكيدا لوعده لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ وليجعلنهم خلفاء فِي الْأَرْضِ التي قد استولى عليها الكفرة كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ آمنوا مِنْ قَبْلِهِمْ يعنى بنى إسرائيل قد استخلفهم سبحانه على بلاد العمالقة والفراعنة وارض الشأم والفرس وَبعد استخلافهم لَيُمَكِّنَنَّ ويقررن لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ الا وهو دين الإسلام المبنى على صرافة التوحيد الذاتي المستلزم المتضمن لتوحيد الصفات والأفعال وليشيعن وليذيعن دينهم هذا في جميع اقطار الأرض وانحائها وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ ويحولن حالهم مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ الناشئ من تمويهات متخيلتهم وتصويرات متوهمتهم أَمْناً ناشئا من اليقين الحقي المثمر لكمال الاطمئنان والوقار وبعد ما حصل لهم مرتبة الفناء الذاتي في ذاتى قد حصل لهم البقاء الذاتي ببقائى فحينئذ يَعْبُدُونَنِي مخلصين متخصصين بحيث لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ولا يشركون معى في الوجود أحدا من مظاهري ومصنوعاتى بتسويلات شياطين خيالاتهم وتغريرات اوهامهم وَمَنْ كَفَرَ وارتد ورجع بَعْدَ ذلِكَ اى بعد نفى الخواطر والأوهام المضلة عن سواء السبيل فَأُولئِكَ المطرودون المردودون عن ساحة عز الحضور والقبول هُمُ الْفاسِقُونَ الخاسرون المقصورون على الخروج والخسران المؤبد عن مقتضى اليقين العلمي والعيني والحقي الا ذلك هو الخسران المبين

وَبعد ما جعلتم التوحيد الذاتي قبلة مقاصدكم ايها المحمديون أَقِيمُوا الصَّلاةَ المثمرة لكم كمال الشوق والمحبة نحو الحق دائما وَآتُوا الزَّكاةَ المطهرة لنفوسكم عن الميل الى ما سواه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ الهادي المرشد لكم الى طريق التوحيد الذاتي لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وتفوزون بما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر حققنا بما أنت به راض منا يا مولانا.

ثم قال سبحانه تأييدا لنبيه صلى الله عليه وسلم لا تَحْسَبَنَّ ولا تظنن أنت يا أكمل الرسل الَّذِينَ كَفَرُوا بالله واعرضوا عن توحيده انهم هم قد صاروا بكفرهم وعنادهم مُعْجِزِينَ معاجزين الله القادر المقتدر على وجوه الانتقام عن أخذهم وإهلاكهم سيما فِي الْأَرْضِ التي هي مملكة الحق ومحل تصرفاته سبحانه بل قد أخذهم الله الرقيب عليهم بظلمهم وبغيهم واستأصلهم عن وجه الأرض في النشأة الاولى وَمَأْواهُمُ النَّارُ في الاخرى وَالله لَبِئْسَ الْمَصِيرُ مصيرهم ومرجعهم ومنقلبهم ومثواهم. ثم أشار

<<  <  ج: ص:  >  >>