للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهنا يسجل التاريخ خبرًا ينم عن نضجه المبكر؛ فقال فيما يروي عن نفسه: "فجعلت أختلف إلى الداخلي - وهو من أهل الحديث في عهده - فقال يومًا فيما كان يقرأ للناس: عن سفيان، عن أبي الزبير، عن إبراهيم. فقلت: إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم، فانتهرني، فقلت له: ارجع إلى الأصل إن كان عندك، فدخل فنظر فيه ثم خرج فقال لي: كيف هو يا غلام؟ قلت: هو الزبير بن عدي، عن إبراهيم، فأخذ القلم منه وأصلح كتابه به وقال: صدقت" (١). وقد حدث بعض أصحاب البخاري أنهم سألوه: "ابن كم كان إذ ذاك؟ فقال: ابن إحدى عشرة سنة" (٢).

ثم تتابعت مراحل نضج البخاري وتقدمه العلمي، فتابع دراسته وتعلمه بهمة ونشاط، حتى إذا بلغ السادسة عشرة من عمره، حفظ كتب ابن المبارك ووكيع، وغيرهم من أهل الرأي.

وفي هذه السن المبكرة بدأت مرحلة جديدة من حياة البخاري؛ إذ خرج لأول مرة من بخارى راحلًا إلى الحج وطلب الحديث، صحبة والدته وأخيه أحمد، حتى إذا انتهت مناسك الحج رجعت أمه صحبة أخيه أحمد إلى بلدها بخارى، بينما تخلف البخاري لطلب الحديث والأخذ عن الشيوخ، وكانت سنه إذ ذاك ست عشرة سنة، أي حوالي سنة عشر ومائتين للهجرة.

ومن هذا التاريخ تبتدئ مرحلة جديدة في حياة البخاري، وهي مرحلة الاتصال بالعالم الخارجي، وبداية الرحلة لطلب الحديث، والاتصال بالعلماء والشيوخ.


(١) المصادر السابقة.
(٢) نفس المصادر.

<<  <  ج: ص:  >  >>