ومع جودة هذه النسخة، وأنها جمعت كل عناصر التفوق والتميز، إلا أنها لا تغني عن عمل أمثال الحافظ ابن رجب ﵀ في شرحه "الصحيح"، وكذا عمل الحافظ ابن حجر ﵀ في "فتح الباري"؛ فقد ذكرا الكثير من أوجه الرواية مما فات هذه النسخة، مع التحرير لكثير من مواضع الخلاف، والتنبيه على أوهام الرواة وأخطاء النساخ، مما لا غنى لعالم أو باحث عنه.
وقد وقفنا على بعض ألفاظٍ نبه عليها الحافظ ابن رجب، اختلفت فيها الروايات مما فات اليونيني؛ مع شدة عنايته بـ "الصحيح"، ورواياته المختلفة.
[تنقلات الأصل اليونيني ومكان وجوده]
لقد مر على انتساخ وضبط الأصل اليونيني قرابة ثمانية قرون، وهذه حقبة طويلة يصعب معها الوقوف بدقة على مكان وجوده، وأين استقر؟ في ظل حالة اللامبالاة التي أصابت الأمة في القرون المتأخرة.
ولولا حفظ اللَّه تعالى لهذا الدين وعنايته بهذه الأمة ولطفه بها أن وفق بعض أهل العلم إلى التنبه لأهمية هذا الأصل، فعملوا على انتساخه في فروع متقنة - يأتي الكلام عنها بعد قليل - وإلا لوقعت كارثة بضياعه.
ولم يفت العلماء أيضًا العناية برصد حركة تنقلات هذا الأصل وفروعه على مر العصور، مما سهل على أهل العلم الوصول إليه والاطلاع عليه.
وأول من علمناه فعل ذلك العلامة القسطلاني، فقد ذكر أنها صارت وقفا على خزانة مدرسة آقبغا آص، وحدد موقع هذه المدرسة بأنها بسويقة العزي خارج باب زويلة من القاهرة.