للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[رحلاته العلمية]

تعددت رحلات البخاري العلمية؛ للأخذ عن الشيوخ، والرواية عن المحدثين، والاختلاف إلى حلقات الدرس، حيث ابتدأت برحلته إلى الحج صحبة والدته وأخيه، وكان ذلك سنة عشر ومائتين للهجرة، وسنه لا تتجاوز ست عشرة سنة، وما كاد يفرغ من حجه والاتصال بعلماء مكة ومحدثيها، حتى رحل إلى المدينة المنورة للأخذ عن علمائها.

ولقد آثر البخاري أن يجعل الحرمين الشريفين طليعة رحلاته العلمية للتحصيل والرواية؛ حيث أقام بها ستة أعوام، حتى إذا استوفى حظه من الرواية والسماع انطلق في سياحته العلمية متنقلًا عبر الأقاليم والأقطار.

"روى سهل بن السَّري عن البخاري قال: دخلت إلى الشام ومصر والجزيرة مرتين، وإلى البصرة أربع مرات، وأقمت بالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم مرة دخلت إلى الكوفة وبغداد مع المحدثين" (١).

ثم تتابعت رحلات البخاري وسفره في سبيل الحديث والرواية، حتى شملت أغلب الحواضر العلمية في وقته، واستغرقت معظم حياته، كل ذلك يجالس العلماء ويتلقى عنهم، ويجمع الحديث ويرويه، ويعقد مجالس التحديث والمناقشة، ويتعرض للامتحان والكيد، فيخرج سالمًا منتصرًا على الكائدين والمتربصين.

روى محمد بن أبي حاتم قال: سمعت البخاري يقول: "دخلت بغداد آخر ثماني مرات، كل ذلك أجالس أحمد بن حنبل، فقال لي آخر ما ودعته: يا أبا عبد اللَّه، تترك العلم والناس وتصير إلى خراسان" (٢).


(١) "مقدمة فتح الباري" (ص: ٤٧٨).
(٢) "سير أعلام النبلاء" (١٢/ ٤٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>