مما سبق يتضح أنه لا غرو أن يحظى هذا السفر الجليل بكافة أنواع العناية والرعاية التي تعددت جوانبها، حتى أضحى الكتاب درة من الدرر تفاخر به الأمة الإسلامية سائر الأمم.
فمن أوجه الرعاية التي حظي بها الكتاب، وتضافرت حولها جهود العلماء وطلبة العلم، بدعم من الحكام والسلاطين، أنهم حرصوا على تدوينه وتسميعه في شتى الأمصار الإسلامية؛ حيث لا يكاد يخلو مصر من الأمصار من رواية أو عدة روايات لهذا الكتاب، تداولتها أيدي العلماء بالتوثيق والتحرير والتدقيق، ولم يقتصر الأمر على مجرد التدوين والتسميع، أو الإجازات والمناولات فقط، بل امتد إلى الحصر الشامل لكل الروايات بنسخها المتعددة، وما يتعلق بها من مغايرات أو اختلافات، مع المفاضلة بينها، وبيان الراجح منها من المرجوح، وأخطاء الرواة والنساخ، حتى غدا الكتاب أنموذجًا يحتذى به في علم ضبط وتحقيق النصوص، ودليلًا على أن هذا العلم إنما هو علم إسلامي خالص، بأصوله وفروعه، واقتصر دور الأمم الأخرى على الاقتباس والتقليد.
وقد ساعدت هذه الجهود المباركة على انتقال الكتاب من مؤلفه إلى عصرنا الحاضر مجتازًا كل هذه الحقبة الزمنية الطويلة، دون أن تطوله يد التغيير، أو الضياع.