وبمقارنة طبعات هذا الكتاب مع بعضها البعض نجد أن الطبعة السلطانية هي الأقرب في تطبيق المعايير العلمية في علم الضبط والتحقيق، فنجد أن مصححيها اعتمدوا في تصحيحها على نسخة شديدة الضبط بالغة الصحة، من فروع النسخة اليونينية المعول عليها في جميع روايات "صحيح البخاري"(١)، وعلى نسخ أخرى خلافها، شهيرة الصحة والضبط، كما نصوا على ذلك في مقدمة الطبع، بيد أنهم لم يذكروا وصفًا للنسخ التي صححوا عنها غير ذلك.
ولكن المتتبع للنسخة يعلم أنهم كانوا معتمدين أيضًا على شرح العلامة القسطلاني "إرشاد الساري"، وهو من الأهمية بمكان؛ حيث اعتمد فيه على نسخة الحافظ شرف الدين اليونينيَّ جهبذة زمانه، فضلًا عن الفروع المتقنة التي كانت بين يديه.
هذا بالإضافة إلى أنهم ذكروا في آخرها ما يشعر بأنه كانت بيدهم نسخة عبد اللَّه بن سالم البصري، وقد سبق الكلام بالتفصيل عن هذا الأصل، وغيره من الأصول التي اعتمدت في هذه الطبعة.
وأصدر السلطان عبد الحميد أمره إلى مشيخة الأزهر، بأن يتولى قراءة المطبوع - بعد تصحيحه في المطبعة - جمع من أكابر علماء الأزهر الأعلام، الذين لهم في خدمة الحديث الشريف قدم راسخة بين الأنام.
(١) ظاهر الكلام الذي نقلناه عن بيان الشيخ حسونة شيخ الأزهر ﵀، أن الطبع كان عن النسخة اليونينية نفسها، وكلام مصححي الطبعة السلطانية يدل على أن الطبع كان عن فرع من فروعها، ولا نستطيع الجزم بصحة أحدهما حتى يوجد الأصل الذي طبع عنه، وحتى نعرف مصير النسخة اليونينية.