ولم يذكر لنا القسطلاني ماذا تم على الجزء الأول الذي رآه معروضًا للبيع، وما مصيره ومآله؟ وأين مستقرُّه؟ ولكنه ذكر ما يفهم منه أن الجزء الثاني الذي رآه هو قبل الأول كان موقوفًا في عصره "بمدرسة آقبغا آص بسويقة العزّي خارج باب زويلة من القاهرة المعزية"، وأنه رأى مكتوبًا بظاهر بعض نسخ البخاري الموثوق بها، الموقوفة برواق الجبرت من الجامع الأزهر بالقاهرة:"أن آقبغا بذل فيه نحو عشرة آلاف دينار". والمفهوم لي من هذا أن آقبغا حصل على الأصل كله كاملًا، ووقفه في مدرسته، ثم فُقد النصف الأول نحو خمسين سنة، إما بالسرقة، وإما بالعارية في معنى السرقة، ثم وجد في عصر القسطلاني.
والمفهوم من التقرير الذي كتبه شيخ الإسلام الشيخ حسونة النواوي شيخ الجامع الأزهر في ٢٠ صفر سنة ١٣١٣، وهو المطبوع في مقدمة الطبعة السلطانية، أن أصل اليونيني محفوظ في "الخزانة الملوكية بالآستانة العلية"، وأنه أرسل إلى مشيخة الأزهر للتصحيح عليه، على يد "صاحب السعادة عبد السلام باشا المويلحي". والذي أرجحه أن هذا الأصل أعيد بعد التصحيح عليه إلى مقره في "الخزانة الملوكية بالآستانة العلية".
ثم بعد ذلك بسنين، في صفر سنة ١٣٦١، وقع لي النصف الثاني من نسخة من فروع "اليونينية"، في مجلد واحد متوسط الحجم، وهو قريب العهد ليس بعتيق، تمت كتابته في ٢٤ ذي القعدة سنة ١٢١٥، كتبه كما وصف نفسه "السيد الحاج محمد الملقب بالصابر بن السيد بلال بن السيد محمد، العينتاني وطنًا".
ويظهر لي من كتابته أنه كان رجلًا أمينًا متقنًا متحرَّيًا، لم يدع شيئًا - فيما يبدو لي - مما في أصل "اليونينية" إلا أثبته بدقة تامة، من ضبط واختلاف نسخ