الكتاب في هذه المطبعة على النسخة "اليونينية" المحفوظة في الخزانة الملوكية بالآستانة العلية؛ لما هي معروفة به من الصحة القليلة المثال في هذا الجيل وما مضى من الأجيال، وبأن يكون جميع ما يطبع من هذا الكتاب وقفا عامًّا لجميع الممالك الإسلامية، وبأن يتولى قراءة المطبوع بعد تصحيحه في المطبعة جمع من أكابر علماء الأزهر الأعلام، الذين لهم في خدمة الحديث الشريف قدم راسخة بين الأنام، وفي التاسع عشر من شهر رمضان المبارك من سنة ١٣١٢ للهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية، أبلغ صاحب الدولة الغازي أحمد مختار باشا المندوب العالي العثماني في القطر المصري هذه الأوامر السلطانية إلينا؛ لنجمع من حضرات أكابر العلماء الأزهريين من يعتمد عليهم في هذا الباب، ونقوم معهم بهذه الخدمة الشريفة والأعمال المنيفة، ثم بعث دولته إلينا بالنسخة "اليونينية"، والنسخ المطبوعة على يد صاحب السعادة عبد السلام باشا المويلحي؛ للمقابلة عليها، كما قضى بذلك الأمر الهمايوني الكريم، وقد كان، وجمعنا ستة عشر ممن عم فضلهم واشتهر، وأبلغناهم هذه الأوامر السلطانية، فتلقوها بصدور رحبة وأفئدة فرحة؛ لعلمهم أنها خدمة من أجل الخدم الدينية وأعظمها قدرًا وأكبرها نفعًا، خصوصًا وقد أمر بها جلالة سلطان المسلمين وحافظ حوزة الدين، وأظهروا غاية القبول لهذا العمل المأمول، وعلى ذلك جمعنا أيضًا ما أمكن جمعه من نسخ هذا "الصحيح" القديمة، من المكاتب العامة والخاصة، مما عني به المتقدمون ضبطًا وتصحيحًا، وبدأنا مع حضراتهم في العمل بغاية الجد والاجتهاد، حتى تمت قراءته ومقابلته في مدة يسيرة من الزمان، مع بذل ما في الاستطاعة من العناية بضبط الحروف وشكلها وتحري أسماء الرواة وضبطها وأوجه الروايات، فجاء هذا الكتاب الجليل - بحمد اللَّه - على غاية ما يرام، مطابقًا لما أراده مولانا أمير المؤمنين، وحررنا