وتدرج إلى دمشق، وسمع بها من الإمام العالم الثقة الحسين بن أبي بكر بن الزَّبيدي، وأبي المنجا بن اللَّتِّي، وأبي صادق بن صَبَّاح، وجعفر الْهَمداني، ومُكرَم بن محمد بن حمزة بن أبي الصَّقْر، وابن الشِّيرازي، وغيرهم.
وارتحل سنة إحدى وأربعين وستمائة إلى مصر؛ لطلب العلم والحديث، فَسَمِعَ بها من ابن الجُمَّيزِي، وابن رَواج، والسَّاوي، وغيرهم.
ولازَم الحافظ زكي الدين عبد العظيم المُنذِري، وتخرج به، وعُنِيَ بعلم الحديث، وارتحل إلى مصر خمس مرات، واستنسخ "صحيح البخاري"، واعتنى بأمره كثيرًا.
قال الحافظُ الذهبيُّ:"حدثني أنه قَابَلَه في سنةٍ واحدةٍ وأسمعه إحدى عشرة مرَّة، وقرأ بنفسه، وكَتَبَ بخطّه كثيرًا، وتَفَقَّه، وأفتى ودَرَّسَ، وعُني باللغة، وحَصَّلَ أطرافًا من العلوم".
وقال التقيُّ الفاسيُّ:"سَمِعَ على البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد المقدسي كتاب "مناقب الإمام أحمد" لأبي الفرج بن الجوزي بسماعه منه، وعلى أبي عبد اللَّه الحسين بن المبارك بن الزَّبِيدي البغدادي "صحيح البخاري"، وكان أَجَلَّ مَن رواه عنه، وسمع على أبي المُنَجَّا عبد اللَّه بن عُمر بن اللَّتِّي "مسند عبد بن حُمَيد"، وكان عارفًا بالحديث، موصوفًا بالحفظ، له مشاركةٌ في الفِقه وغيرِه، مشكورًا عند الناس".
وقال البِرزاليُّ:"كان شيخًا جليلًا، حَسَنَ الوجه، بَهِيَّ المنظر، له سمت حسن، وعليه سكينة، ولديه فضلٌ كثير، يحفظُ كثيرًا من الأحاديث بلَفْظِها، ويفهم معانيها، ويعرف كثيرًا من اللغة، وكان فصيحَ العبارة، حَسَنَ الكلام، وكان له قبولٌ من الناس، وهو كثيرُ التودُّدِ إليهم، قاضٍ للحقوق".