للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولكونه ممَّن وُصِف بالمعرفة الكثيرة، والحفظ التامّ للمُتُونِ والأسانيد؛ كان الجمالُ بن مالك لمّا حضر عند المقابلة المذكورة إذا مرَّ من الألفاظ ما يتراءى أنه مُخالِفٌ لقوانين العربية، قال للشَّرَف اليُونيني: هل الروايةُ فيه كذلك؟ فإنْ أجاب بأنه منها شَرَع ابنُ مالك في توجيهها حسب إمكانه، ومِن ثمَّ وَضَعَ كتابَه المُسَمَّى بـ "شواهد التوضيح" (١).

وقال محمد أنور الكشميري: "وأما الآن فينبغي أن يعتمد على نسخة القسطلاني؛ لأنه اعتمد على نسخة الحافظ شرف الدين اليونيني جهبذة زمانه، وحافظ أوانه؛ لأن السلطان أراد أن يعرب البخاري، وجمع له أفاضل عصره، فجاء اليونيني فصحح متون الأحاديث، وابن مالك صاحب "الألفية" فأعربها".

قال القسطلاني: "فوجدت النصف الأول من نسخة اليونيني، فاعتمدت عليه في شرحي، ولم أجد النصف الآخر حتى وجدته أيضًا بعد ثلاثين سنة، فاعتمدت عليه في النصف الآخر" (٢). اهـ.

فعلماء المسلمين قديمًا قد عرفوا التحقيق، لا سيما عند توثيق النصوص، وخاصة النصوص الشرعية، فقد كان لهم مناهج يتبعونها عند ذلك.

يقول الدكتور شوقي ضيف مؤكدًا هذه الحقيقة: "لقد كانوا يعرفون كل القواعد العلمية التي نتبعها في إخراج كتاب، لا من حيث رموز المخطوطات فحسب، بل أيضًا من حيث اختيار أوثق النسخ لاستخلاص أدق صورة للنص،


(١) اسمه كاملًا: "شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح"، وهو مطبوع بتحقيق أ. محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر دار العروبة.
(٢) "إرشاد الساري" (١/ ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>