للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَتْ لَهُمْ هَلَكُوا بِأَكْلِهِ. فَلَمْ يَفْعَلُوا، وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَالْمُشْرِكُونَ يَزِيدُهُمْ ثُبُوتًا تَوَقُّعُهُمْ قُدُومَ بَهْمَنْ جَاذَوَيْهِ، فَصَابَرُوا الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ خَالِدٌ:: اللَّهُمَّ إِنْ هَزَمْتَهُمْ فَعَلَيَّ أَنْ لَا أَسْتَبْقِيَ مِنْهُمْ مَنْ أَقْدِرُ عَلَيْهِ حَتَّى أُجْرِيَ مِنْ دِمَائِهِمْ نَهْرَهُمْ.

فَانْهَزَمَتْ فَارِسُ فَنَادَى مُنَادِي خَالِدٍ: الْأُسَرَاءُ الْأُسَرَاءُ إِلَّا مَنِ امْتَنَعَ فَاقْتُلُوهُ. فَأَقْبَلَ بِهِمُ الْمُسْلِمُونَ أُسَرَاءَ، وَوَكَّلَ بِهِمْ مَنْ يَضْرِبُ أَعْنَاقَهُمْ يَوْمًا وَلَيْلَةً. فَقَالَ لَهُ الْقَعْقَاعُ وَغَيْرُهُ: لَوْ قَتَلْتَ أَهْلَ الْأَرْضِ لَمْ تَجْرِ دِمَاؤُهُمْ، فَأَرْسِلْ عَلَيْهَا الْمَاءَ تُبِرَّ يَمِينَكَ، فَفَعَلَ، وَسُمِّيَ نَهْرُ الدَّمِ، وَوَقَفَ خَالِدٌ عَلَى الطَّعَامِ وَقَالَ لِلْمُسْلِمِينَ: قَدْ نَفَّلْتُكُمُوهُ، فَتَعَشَّى بِهِ الْمُسْلِمُونَ، وَجَعَلَ مَنْ لَمْ يَرَ الرُّقَاقَ يَقُولُ: مَا هَذِهِ الرِّقَاعُ الْبَيْضُ؟ !

وَبَلَغَ عَدَدُ الْقَتْلَى سَبْعِينَ أَلْفًا، وَكَانَتِ الْوَقْعَةُ فِي صَفَرٍ.

ذِكْرُ وَقْعَةِ أَمْغِيشِيَّا

فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ أُلَّيْسَ سَارَ إِلَى أَمْغِيشِيَّا، وَقِيلَ اسْمُهَا مَنِيشِيَّا، فَأَصَابُوا فِيهَا مَا لَمْ يُصِيبُوا مِثْلَهَا؛ لِأَنَّ أَهْلَهَا أَعْجَلَهُمُ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَنْقُلُوا أَمْوَالَهُمْ وَأَثَاثَهُمْ وَكُرَاعَهُمْ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ بِالْفَتْحِ وَمَبْلَغِ الْغَنَائِمِ وَالسَّبْيِ وَأَخْرَبَ أَمْغِيشِيَّا. فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ أَبَا بَكْرٍ قَالَ: عَجَزَ النِّسَاءُ أَنْ يَلِدْنَ مِثْلَ خَالِدٍ.

ذِكْرُ وَقْعَةِ يَوْمِ فُرَاتِ بَادَقْلَى، وَفَتْحِهِ الْحِيرَةَ

ثُمَّ سَارَ خَالِدٌ مِنْ أَمْغِيشِيَّا إِلَى الْحِيرَةِ وَحَمَلَ الرِّحَالَ وَالْأَثْقَالَ فِي السُّفُنِ، فَخَرَجَ مَرْزُبَانُ الْحِيرَةِ، وَهُوَ الْأَزَاذَبَهْ، فَعَسْكَرَ عِنْدَ الْغَرِيِّينَ، وَأَرْسَلَ ابْنَهُ فَقَطَعَ الْمَاءَ عَنِ السُّفُنِ، فَبَقِيَتْ عَلَى الْأَرْضِ. فَسَارَ خَالِدٌ فِي خَيْلٍ نَحْوَ ابْنِ الْأَزَاذَبَهْ فَلَقِيَهُ عَلَى فُرَاتِ بَادَقْلَى، فَضَرَبَهُ وَقَتَلَهُ وَقَتَلَ أَصْحَابَهُ، وَسَارَ نَحْوَ الْحِيرَةِ، فَهَرَبَ مِنْهُ الْأَزَاذَبَهْ، وَكَانَ قَدْ بَلَغَهُ مَوْتُ أَرْدَشِيرَ وَقَتْلُ ابْنِهِ، فَهَرَبَ بِغَيْرِ قِتَالٍ، وَنَزَلَ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ الْغَرِيِّينَ، وَتَحَصَّنَ أَهْلُ الْحِيرَةِ فَحَصَرَهُمْ فِي قُصُورِهِمْ. وَكَانَ ضِرَارُ بْنُ الْأَزْوَرِ مُحَاصِرًا الْقَصْرَ الْأَبْيَضَ وَفِيهِ إِيَاسُ بْنُ قَبِيصَةَ الطَّائِيُّ، وَكَانَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ مُحَاصِرًا قَصْرَ الْغَرِيِّينَ وَفِيهِ عَدِيُّ بْنُ عَدِيٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>