صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مكتوب عندهم فيها ومبشر به، لكنهم انسلخوا من تلك الآيات حسدا وتكبرا وصرفوا وبدلوا، مع أنهم يعرفونه صلى الله عليه وسلم مما عندهم من العلم كما يعرفون أبناءهم.
ويذكر أن الآية نزلت في أحبار اليهود، كانوا يأمرون من نصحوه سرا بالإيمان بنبينا صلى الله عليه وسلم ولا يؤمنون به، فكانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم.
ومعنى قوله تعالى:{وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ}(١) أي: تعرفون منه ما لا يعرفه من تأمرونه باتباعه، والفرق عظيم بين من يفعل وينقصه العلم بفوائد ما يفعل، ومن يترك وهو عالم بمزايا ما يترك.
ومعنى قوله: أفلا تعقلون أي: أفلا عقل لكم يحبسكم عن هذا السفه، ويحذركم وخامة عاقبته، فإن من عنده أدنى عقل لا يدعي كمال العلم بالكتاب ويقوم بالإرشاد إلى هديه، ويبين للناس سبيل السعادة باتباعه، ثم هو لا يعمل به ولا يستمسك بأوامره ونواهيه.
وهذا الخطاب وإن كان موجها لليهود فهو عبرة وموعظة لغيرهم، فليحذر كل أحد من أن يكون حاله كحال أولئك.