للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمليه العقول المنحرفة عن الصراط المستقيم.

فلا يجوز لإنسان الاغترار بعقله مهما أوتي من قوة في الفهم، وسعة في التفكير، فيجعل عقله أصلا، ونصوص الكتاب والسنة فرعا، فما وافق عقله قبله واتخذه دينا، وما خالفه أنكره أو حرفه عن موضعه، فإن ذلك اتهاما للشريعة الإلهية، وقضاء على أصولها، وهدما لدعائمها، فالعقول متفاوتة، والطبائع مختلفة، والأفكار متباينة، والناس لا يكادون يتفقون على شيء، اللهم إلا ما كان من الحسيات والضروريات، وإذا كان الأمر كذلك فما العقل الذي يجعل أصلا، ويرجع إليه عند التنازع، ويحكم في فهم نصوص الشريعة؟

وما أحسن ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (واعلم أنه ليس في العقل الصريح، ولا في شيء من النقل الصحيح ما يوجب مخالفة الطريق السلفية أصلا. . . ثم المخالفون للكتاب والسنة وسلف الأمة في أمر مريج، فإن من أنكر الرؤية يزعم أن العقل يحيلها، وأنه مضطر فيها إلى التأويل، ومن يحيل أن لله علما وقدرة، وأن يكون كلامه غير مخلوق ونحو ذلك يقول: إن العقل أحال ذلك فاضطر إلى التأويل، بل من ينكر حقيقة حشر الأجساد والأكل والشرب الحقيقي في الجنة يزعم أن العقل أحال ذلك وأنه مضطر إلى التأويل، ومن يزعم أن الله ليس فوق العرش يزعم أن العقل أحال ذلك وأنه مضطر إلى التأويل.

<<  <  ج: ص:  >  >>