[رسالة وردتنا من المرسل فوزي المتولي من جمهورية مصر العربية والإقامة في الأفلاج يقول هل لمس النساء ينقض الوضوء أم لا؟]
فأجاب رحمه الله تعالى: أقول في الجواب اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال ثلاثة منهم من يقول إن مس المرأة لا ينقض مطلقاً ومنهم من يقول إن مسها ينقض مطلقاً ومنهم من توسط وقال إن مسها لشهوة ينقض الوضوء وإن مسها لغير شهوة لا ينقض الوضوء والصواب من هذه الأقوال أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقاً ولو بشهوة لكنه مع الشهوة يستحب الوضوء من أجل تحرك الشهوة إلا إذا خرج منه شيء كالمذي مثلاً فإنه يجب عليه أن يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ وضوءه للصلاة يعني أنه ينتقض وضوؤه وأما بدون خارج فإنه لا ينتقض وذلك لأن الأصل براءة الذمة ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث يدل على نقض الوضوء بمس المرأة بل إنه روي عنه صلى الله عليه وسلم (أنه قبَّل بعض نسائه وخرج إلى الصلاة ولم يتوضأ) وهذا الحديث وإن كان بعضهم يضعفه لكنه يوافق الأصل وهو عدم النقض وأما قوله تعالى (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً) إلى آخر الآية فإن المراد بالملامسة هنا الجماع كما فسرها بذلك ابن عباس رضي الله عنهما وهو أيضاً مقتضى سياق القرآن الكريم لأن قوله (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ) إشارة إلى أحد أسباب الوضوء وقوله (أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ) إشارة إلى أحد أسباب الغسل فتكون الآية دالة على الموجبين موجب الوضوء وموجب الغسل ولو قلنا المراد بالملامسة اللمس لكانت الآية دالة على موجبين من موجبات الوضوء ساكتة عن موجبات الغسل وهذا نقص في دلالة القرآن فعليه نقول إن حملها على الجماع كما فسرها به أبن عباس هو مقتضى بلاغة القرآن وإيجازه ودلالته فعليه يكون في الآية ذكر الموجبين للطهارة الطهارة الصغرى والطهارة الكبرى كما أنه ذكر سبحانه وتعالى الطهارتين الصغرى والكبرى والطهارتين الأصلىة والبدلية فذكر الوضوء وذكر الغسل وذكر الطهارة الأصلىة بالماء وذكر الطهارة الفرعية بالتيمم وذكر أيضاً الموجبين للطهارتين الطهارة الصغرى والطهارة الكبرى وهذا هو مقتضى البلاغة والتفصيل في القرآن
وعليه فنقول إذا قبَّل رجلٌ زوجته ولو بشهوة أو ضمَّها إليه ولو بشهوة أو باشرها ولو بشهوة بدون جماع فإنه لا ينتقض وضوؤه إلا إن خرج شيء وكذلك بالنسبة إليها لا ينتقض وضوؤها وأما إذا حصل الجماع ولو بدون إنزال فإنه يجب عليهما جميعاً الغسل لحديث أبي هريرة (إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل وإن لم ينزل) .