بارك الله فيكم أمامي رسالة وصلت بالفاكس وهي طويلة من ثلاث ورقات من السائل ر. ش. الدمام يذكر في هذه الرسالة بأنه شاب يبلغ من العمر الخامسة والثلاثين ولديّ والدتي وهي كبيرة في السن وأعيش معها في البيت وكانت حياتي مع والدتي منذ الطفولة جميلة مملوءة بالسعادة حتى أتى عام ١٤٠١هـ تقريبا وبدأت معاملتها لي تختلف فأصبح الحب كراهية وصارت يا فضيلة الشيخ حياتي معها صعبة جدا وصارت تكثر علي الأسئلة عن ذهابي وإيابي فهذا العذاب الذي عشته مدة أربعة عشر سنة تقريبا لخصته لفضيلتكم آملا أن أجد الإجابة الشافية الواضحة التي هي مستمدة من شريعتنا السمحة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أرى أن الواجب عليك أن تصبر على هذه الأسئلة التي توردها أمك عليك لأنه لا يضرك أن تقول لها ذهبت إلى كذا وذهبت إلى كذا وفي ظني أنها لا تسأل هذه الأسئلة إلا لما في قلبها من محبتها لحالك وكيف تقضي حياتك وهل يضرك شيئا إذا قلت فعلت كذا وفعلت كذا ولكن الشيطان يوحي إليك أنك إذا سألتك هذه الأسئلة كأنها نزلت من قيمتك وكأنها جعلتك في منزلة الصبي وهذا من وحي الشيطان ولو فكرت لرأيت أن سؤالها هذا يعني الشفقة الشديدة عليك.
يافضيلة الشيخ: في النقطة الثانية يذكر بأنها تغتابه عند الجيران والمعارف والأقارب؟
فأجاب رحمه الله تعالى: وأما النقطة الثانية وهي كونها تغتابه عند الجيران والمعارف والأقارب فإني أوجه إليها النصيحة وأقول لها إن اغتيابها لولدها من كبائر الذنوب ويزداد كبيرة إذا كانت الغيبة لولدها لأن ولدها من أقاربها بل هو أقرب الناس إليها وفي غيبته قطع للرحم وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا يدخل الجنة قاطع) يعني قاطع رحم وقال الله تعالى في كتابه (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) فنصيحتي لهذه الأم أن تكف عن غيبة ابنها أما بالنسبة للابن فعليه أن يصبر ويحتسب ويقابل ذلك بالعفو والسماح عن أمه حتى لا يأتي اليوم الذي يكون خصيما لها عند الله عز وجل.
يافضيلة الشيخ: يقول بعد إيضاحي للنقاط يقول إنها كثيرة التهديد إن تركتها في البيت لوحدها فستذهب للشرطة والمحاكم وتبلغ عني بحكم أني أنا من أعولها شرعاً؟
فأجاب رحمه الله تعالى: وهذا أيضا نقطة مهمة لأن كونك تجعلها في البيت وحدها ربما يضيق صدرها ويرد على قلبها تخيلات فاسدة وأوهام لا صحة لها فلا تصبر هي على ذلك وربما يكون غيبتها لك عند الأقارب والجيران سببه هذا أنك تضيق صدرها إذا خرجت عنها وتركتها في البيت وحدها وأنت تعرف أن الكبيرة ليست كالشابة فنصيحتي لك أن تتزوج وأن تجعل امرأتك عند أمك حتى تعيش في حياة سعيدة.
يافضيلة الشيخ: يقول بعد إيضاحي للنقاط أقول في هذا السؤال بعد ما رأيت منها منذ أربعة عشر سنة الماضية لا أريد أن أكون مسؤولا عنها مع أنني أنا من أعولها شرعا فهذا الإلزام الشرعي هل بالإمكان أن يعفيني منه الشرع؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يعفيك الشرع من بر والدتك بل عليك أن تبر والدتك بكل ما تستطيع قال الله تبارك وتعالى (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) وتذكر أنه إن طال بك زمان فإنك سوف تكون على مثل ما كانت عليه من سوء التصرف وقصر النظر وربما يعاقبك الله في الدنيا قبل الآخرة فيقيض لك من الأولاد من لا يبر بك.
يافضيلة الشيخ: نقطة أخيرة في هذه الرسالة فضيلة الشيخ محمد يقول هل أكون آثما إذا استأجرت منزلا لوحدي بدلا من بقائي معها؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الذي يظهر لي أنك تكون آثماً بذلك لأنها إذا كانت في حال تأخرك عن المجيء إليها تضجر وتتألم وتتأذى فإنك لو استأجرت بيتا سيكون هذا أشد عليها وأثقل وبذلك تكون جررت على نفسك إثماً وبعدت عن أمك نسأل الله أن يهديك لها وأن يهديها لك وأن يعيننا وإياك على بر والدينا أحياء وأمواتاً.
***