صلاح إبراهيم يقول استقرضت من البنك العقاري وعمرت لي مسكناً ورأيت أن استقرض باسم ولدي لكي يكون عندنا أكثر من منزل لنستفيد من إيجاره، علماً أن هذه المساكن ستكون لابني من بعدي هل يجوز لي ذلك أم لا أفيدوني أثابكم الله؟ في الحقيقة نرجو بسط الحديث عن عارية الاسم أو الوكالة وهي غير صحيحة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نحن يؤسفنا كثيراً أن يقع المسلمون في هذا التكالب العظيم على جمع الدنيا وهم يقرؤون قول الله عز وجل (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ) فإن هذه القضية العامة الكلية تدل بمنطوقها على حصول الفلاح لمن وقاه الله شح نفسه، وتدل بمفهومها على حصول الخسارة لمن لم يوق شح نفسه، وهذا هو الواقع، ويؤيد ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة) ، تعس يعني هلك وخسر، فهؤلاء الذين عبدوا الدنيا وأرادوا أن يحصلوا عليها بكل طريق سواء أكانت هذه الطريق كذباً وخداعاً أم صدقاً وبياناً، أي أنهم لا يبالون، المهم أن يقع المال في أيديهم، هؤلاء والله خسروا الدنيا والآخرة لأنهم لا يمكن أن يخلدوا للمال، ولا أن يخلد المال لهم، ولا يدرون متى ينتقلون عنه فربما يصبحون ولا يمسون، أو يمسون ولا يصبحون، فيكون عليهم الغرم في جمع هذا المال، ولمن بعدهم الغنم، عليهم العار ولغيرهم الثمار، والواجب على المسلم أن يتقي الله سبحانه وتعالى في معاملته ويتعامل بالصدق والبيان، ومثل هذه المعاملة التي ذكرها السائل جمعت بين أمرين الكذب، والخداع للمسؤولين، أما الكذب فإنه جعلها باسم ولده وهي له، وهذا كذب، فإن الذي له ليس لولده، وما يدريه لعل ولده يموت قبله ويكون ماله لأبعد الناس من عصباته، ثم على فرض أن يموت الأب قبله فقد يكون هناك أسباب تمنع ميراث الولد كما لو ارتد والعياذ بالله، والردة وإن كانت عملاً عظيماً ولكنها مع الأسف في الوقت الحاضر صارت كثيرة والناس لا يشعرون بها فإن من أقسام الردة ترك الصلاة، فإن من ترك الصلاة فهو كافر، كافر كفراً مخرجاً عن الملة، لو مات أحد من ورثته وهو تارك للصلاة فإن هذا التارك لا يرث من ماله شيئاً ولا يحل له منه درهم واحد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أسامة الثابت في الصحيحين (لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم) فما يدريه لعل هذا الولد الذي يبقى بعده لا يرثه، إما لارتداده بترك الصلاة أو غيرها، حتى الاستهزاء بالدين أيضاً من أسباب الردة الذين يستهزئون بالدين بأصله أو شيء من فروعه الثابتة هم مرتدون كافرون، قال الله تعالى (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) ، أو وربما لا يرثه لغير هذا السبب كما لو قتله الولد خطأً، مثل أن يكون معه في السيارة والولد، هو الذي يقود السيارة، ثم يحصل حادث بسبب الولد، بسبب تفريطه أو تعديه فيموت الوالد فهنا لا يرث الولد من والده شيئاً على المشهور من مذهب الحنابلة وإن كان القول الراجح أنه يرث من أبيه ما عدا الدية، يرث من أبيه، من مال أبيه ما عدا الدية التي سوف يسلمها لبقية الورثة، المهم أن قوله أي السائل إن هذا البيت سيعود إلى ابني من بعدي أمر ليس بلازم، فقد لا يعود لابنه من بعده للأسباب التي أشرنا إليها، هذا أحد المحذورين في هذه المعاملة حيث قدم الطلب باسم ولده وهو له، وهو الكذب