السؤال: لي أبٌ طلب مني طلاق زوجتي وأنا رفضت طلبه فعزلني من العيش معه وقطعني وهو لا يرد علي وإني طلبت من بعض الأقارب أن يتوسطوا ليصلحوا بيني وبينه لكنه رافض وأنا مريض وزاد علي المرض بسببه وأعاني من مقاطعته لي وأعاني من مرضي وأعاني من بعدي عن وطني للبحث عن قوت ابني وزوجتي وبنتي أفيدونا عن ذلك أفادكم الله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذا السؤال يتضمن شقين الشق الأول أنه عصى والده حين أمره بطلاق زوجته وهذا العصيان يجب أن يعرف أنه قد يكون آثماً به وقد يكون غير آثم
فإذا كان أبوه قد أمره بطلاق زوجته بسببٍ وجده فيها يستلزم مفارقتها كسوء أخلاقها مثلاً فإنه يجب عليه طاعة والده بذلك لسببين:
السبب الأول أن مثل هذه لا ينبغي للمرء أن يبقيها في ذمته خصوصاً إذا كان لا يمكن إصلاحها
وثانياً طاعة الوالد
وتارةً يكون أمر والده بطلاق زوجته ليس لسببٍ يقتضي ذلك شرعاً ولكنه لكراهة شخصية أو مخاصمة أو ما أشبه ذلك وطلاقها يوجب ضرراً للابن فمثل هذا لا يلزم الولد إجابة والده لطلبه لأنه لا يلزمه طاعة والده فيما فيه ضررٌ عليه (وإنما الطاعة في المعروف) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
أما الشق الثاني في السؤال فهو محاولته الإصلاح مع أبيه وامتناع أبيه من ذلك فهذا لا إثم عليه به ما دام قد بذل المجهود في الوصول إلى الإصلاح وإزالة هذا الأمر في قلب والده ولم يتمكن فإن الإثم هنا يكون على الوالد لأن قطيعة الرحم صارت من قبله والواجب على أبيه في مثل هذه الحال أن يرجع إلى نفسه وأن يعين على بره وأن يعرف أن هذا أمرٌ صعب يأمر ولده بطلاق زوجته التي يحبها والتي لديه منها ولد وفي ذلك ضررٌ عليه وليتصور نفسه لو كان أبوه أمره بذلك وهو يحب زوجته فما هو موقفه وعلى الإنسان أن يعامل غيره بما يحب أن يعامله الغير به وأن ينزل الناس منزلة نفسه قبل أن يكلفهم الأمور حتى يعرف ويكون مؤمناً حقاً فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ولو أننا كنا إذا أردنا معاملة الناس فرضنا أنفسنا نحن الذين نعامل بما نريد أن نعامل به غيرنا وننظر هل ذلك يؤثر علينا أم لا لكنا ننال خيراً كثيراً ونبعد من الأنانية لكن مع الأسف أن أكثرنا لا يولي هذا الأمر اهتماماً والله الموفق.