يقول هل صحيحٌ ما يقال عن الأموات إن الأرواح ترد إلى أهلها الميتين في يومي الاثنين والخميس لترد على الزوار ولذلك يزورون المقابر في هذين اليومين ويدعون للأموات ويقرؤون الفاتحة وبعض سور القرآن الكريم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذا لا أصل له وزيارة المقابر مشروعةٌ كل وقت لقول النبي صلى الله عليه وسلم (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة) وينبغي للزائر أن يفعل ما كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعله من السلام عليهم دون القراءة فقد كان يقول عليه الصلاة والسلام مما يقوله (السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم) ولا تنبغي القراءة على القبر لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم وما لم يرد عنه فإنه لا ينبغي للمؤمن أن يتخذه أو أن يعمله واعلم أن المقصود بالزيارة أمران أحدهما انتفاع الزائر بتذكر الآخرة والاعتبار والاتعاظ فإن هؤلاء القوم الذين وهم الآن في بطن الأرض كانوا بالأمس على ظهرها وسيجري لهذا لزائر ما جرى لهم فيعتبر ويغتنم الأوقات والفرص ويعمل لهذا اليوم الذي سيكون في هذا المثوى الذي كان عليه هؤلاء أما الأمر الثاني فهو الدعاء لأهل القبور بما كان النبي عليه الصلاة والسلام يدعو به من السلام وسؤال الرحمة وأما أن يسأل هؤلاء الأموات أو أن يتوسل بهم فإن هذا محرم ومن الشرك ولا يجوز ولا فرق في هذا بين قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر غيره فإنه لا يجوز أن يتوسل أحدٌ بقبر النبي عليه الصلاة والسلام أو بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته فإن هذا من الشرك لأنه لو كان هذا حقاً لكان أسبق الناس إليه الصحابة رضي الله عنهم ومع ذلك فإنهم لا يتوسلون به بعد موته استسقى عمر رضي الله عنه ذات يوم فقال (اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا) ثم قام العباس رضي الله عنه فدعا وهذا دليلٌ على أنه لا يتوسل بالميت بعد موته مهما كانت درجته ومنزلته عند الله سبحانه وتعالى وإنما يتوسل بدعاء الحي الذي ترجى إجابة دعوته لصلاحه واستقامته في دين الله عز وجل فإذا كان الرجل ممن عرف بالدين والاستقامة ثم توسل بدعائه فإن هذا لا بأس به كما فعل أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وأما الأموات فلا يتوسل بهم أبداً ودعاؤهم شركٌ أكبر مخرجٌ عن الملة نسأل الله العافية قال الله تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) وبهذه المناسبة أود أن أذكر أنه يوجد في بعض البلاد الإسلامية من يذهبون إلى القبور لدعائهم والاستنصار بهم والاستغاثة بهم وهذا شرك أكبر لا يزيدهم إلا خساراً وإلا عذاباً ونكالاً فعليهم أن يتوبوا إلى الله وأن يسألوا النصر من عند الله سبحانه وتعالى وأن يستغيثوا به وحده فإن هؤلاء الأموات لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً فكيف يملكون لغيرهم هم بحاجةٍ إلى أن يدعى لهم فكيف يدعون.